أعلن وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، أن محادثات السلام بشأن سورية في جنيف تحت إشراف الأمم المتحدة هي "القاعدة الوحيدة" للتوصل إلى حل سياسي من "دون أي دور لنظام الأسد". وقال تيلرسون، في خطاب ألقاه بواشنطن، إنه في الوقت الذي يندحر فيه تنظيم "داعش" من "آخر جيوبه في سورية تتوجه أنظار المجتمع الدولي نحو التوصل إلى حل للحرب في سورية".
كما دافع عن عملية جنيف التي انطلقت استناداً إلى قرار مجلس الأمن رقم 2254، في الوقت الذي تطلق روسيا، حليفة النظام السوري، المبادرات الدبلوماسية توصلاً إلى حل سياسي.
وقال تيلرسون، في إشارة إلى محادثات جنيف، إن "هذه العملية هي القاعدة الوحيدة الممكنة لإعادة إعمار البلاد وتطبيق حل سياسي لا يترك أي دور لنظام الأسد أو لعائلته في النظام السورية". وأعرب عن اقتناعه بأن عملية السلام "هي على وشك الدخول في الطريق الصحيح".
وكانت قد انطلقت، الثلاثاء، في جنيف جولة جديدة من محادثات السلام السورية بحضور وفد المعارضة، في حين أن وفد النظام لن يصل سوى الأربعاء. واحتج النظام على تصريحات للمعارضة تؤكد تشديدها على رحيل الأسد مع انطلاق المرحلة الانتقالية. وأضاف تيلرسون أن الرئيسين الأميركي والروسي تمكنا خلال الفترة الأخيرة من تقريب وجهات نظرهما بشأن عملية السلام خلال لقاء قصير جمعهما أخيراً في آسيا.
وأشار إلى أن "روسيا أكدت أنها ترى الأمور مثلنا" بشأن أهمية عملية جنيف، لافتاً "سنستند إلى هذا الأمر للمضي قدماً". واختتمت مساء أمس، الثلاثاء، اجتماعات اليوم الأول من محادثات جنيف 8 بلقاء وحيد، جمع وفد المعارضة السورية بفريق المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا بالمقر الأممي في المدينة السويسرية.
ومن المتوقع أن يصل وفد النظام السوري اليوم الأربعاء إلى جنيف ليلتحق بالمحادثات التي تجريها الأمم المتحدة. وفي سياق متصل، اتهم رئيس وفد الهيئة العليا للمفاوضات نصر الحريري النظام بمحاولة تقويض العملية السياسية، من خلال رفضه الانضمام إلى بدء المحادثات في جنيف. كما وصفت المعارضة السورية اجتماعها بالمبعوث الأممي بـ"الجيد". من جهته طالب دي ميستورا بدعم الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن لهذه المحادثات.
ألقى المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا الكرة في ملعب وفدي النظام والمعارضة لتحقيق اختراق في الجولة الثامنة من المحادثات التي بدأت أمس، ودعا الطرفين إلى الجلوس وجهاً لوجه في مفاوضات مباشرة للمرة الأولى منذ بداية مسار جنيف. وجددت أميركا وبريطانيا دعمهما عملية الانتقال السياسي في سورية عبر مسار جنيف. وأعلنت الأمم المتحدة موافقة الحكومة السورية على مقترح روسي بهدنة في الغوطة الشرقية خلال اجتماعات جنيف. في موازاة ذلك، حذر مسؤولون أكراد واشنطن من مغبة وقف أو تجميد المساعدات العسكرية لهم، ملوحين بأن هذا "سيؤدي إلى تقويض القتال ضد داعش".
وانطلقت محادثات جنيف أمس وسط شكوك كبيرة في قدرتها على تحقيق أي تقدم بسبب الفجوة الكبيرة في مواقف وفدي الحكومة والمعارضة، وتأخر وصول الوفد السوري الرسمي، الذي من المتوقع أن ينضم اليوم إلى المحادثات بعدما رفض الحضور أمس احتجاجاً على إعلان المعارضة أن هدفها هو تنحي الرئيس السوري بشار الأسد. وقال رئيس وفد المعارضة نصر الحريري لدى وصوله إلى جنيف إنه يهدف إلى أن تكون الإطاحة بالأسد "نتيجة من نتائج المفاوضات".
وقال المبعوث الأممي إن الحكومة ومفاوضي المعارضة ستتاح لهم فرصة إجراء محادثات مباشرة للمرة الأولى، لكن لم يتضح إن كانوا سيستغلون الفرصة. وأضاف دي ميستورا بعد اجتماع مع وفد المعارضة برئاسة الحريري: "سنعرض عليهم الأمر. سنرى إن كان ذلك سيحدث. لكننا سنعرضه".
وفور دعوة دي ميستورا، عبرت "الهيئة العليا للمفاوضات"، التي تمثل المعارضة السورية، عن استعداداها لمفاوضات مباشرة مع دمشق. وقال يحيى العريضي رئيس الهيئة والناطق باسم وفد المعارضة إلى جنيف: "لم تعد لديها (الحكومة) الآن حجة أن المعارضة متشرذمة. نحن متحدون ومستعدون للتفاوض مباشرة مع الطرف الآخر".
وإلى جانب دي ميستورا، التقى الحريري وفريقه أمس مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد، ووزير شؤون الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية إليستر بيرت، حيث أعربا عن دعمهما عملية انتقال سياسي في سورية تحت رعاية الأمم المتحدة وبموجب مسار جنيف، واصفين أي عملية خارج جنيف بـ "غير شرعية". وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن وفد الحكومة سيصل إلى جنيف لحضور اليوم الثاني من محادثات السلام.
وقالت الناطقة باسم الأمم المتحدة أليساندرا فيلوتشي في إفادة صحافية في جنيف، إن دي ميستورا تلقى تأكيدات بأن وفد الحكومة سيشارك في المحادثات. وأضافت من دون الخوض في تفاصيل في شأن من نقل الرسالة من دمشق "على الأقل نعلم أنهم قادمون". وأفادت (سانا) بأن وفد الحكومة السورية سيرأسه بشار الجعفري مندوب سورية لدى الأمم المتحدة وكبير المفاوضين.
من جهة أخرى، أعلن المبعوث الأممي أن الحكومة السورية وافقت على اقتراح روسيا وقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية في ريف دمشق ليومين، موضحاً أن الجانب الروسي في جنيف أبلغه بذلك خلال اجتماع مغلق مع ممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. وأضاف دي ميستورا "نحتاج إلى أن نرى ما إذا كان هذا سيطبق"، لافتاً إلى أنه ليس من قبيل المصادفة أن يقدم هذا الاقتراح في بداية هذه الجولة من مفاوضات جنيف".
وتحدث ناشطون وشهود عن تراجع في وتيرة القصف على الغوطة. فيما ذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان" أن ثلاثة أشخاص قتلوا في قصف على الغوطة صباح أمس قبل بدء التهدئة. إلى ذلك، حذّرت القيادية الكردية البارزة إلهام أحمد واشنطن من مغبة وقف دعمها "قوات سورية الديموقراطية" نزولاً على ضغوط تركيا. وقالت أحمد في تصريحات أمس إن تجميد أو تقليص الدعم الأميركي لـ"سورية الديموقراطية" سيؤدي إلى "تقويض القتال ضد "داعش".
وأعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس عن تفاؤله بتحسن العلاقات مع واشنطن بعد وعود من نظيره الأميركي دونالد ترامب بوقف تسليح "سورية الديموقراطية". وقال أردوغان، في كلمة لنواب "حزب العدالة والتنمية" الحاكم في البرلمان إن "المكالمة الهاتفية التي أجريناها مع ترامب الجمعة كانت الأولى منذ فترة طويلة التي يكون فيها البلدان على الموجة ذاتها".
أرسل تعليقك