توجه الرئيس الإيراني حسن روحاني، الأحد ، إلى البرلمان لتقديم مشروع الميزانية العامة للعام الجديد، وقال في خطاب استغرق ساعة، دفاعًا عن الميزانية، إن إدارته أقرت "ميزانية مختلفة" في إطار شعاراته الانتخابية. وأظهرت الميزانية العامة للحكومة الإيرانية تخصيص ميزانية للحرس الثوري تفوق 3 أضعاف ميزانية الجيش ، ويحتل فيلق القدس ، الذراع الخارجية للحرس الثوري، والبرنامج الثوري، أولوية الميزانية الجديدة، وفق مصادر مسؤولة في البرلمان.
ودفع روحاني الأحد مشروع خالأحد ميزانية عامة تقدمها الحكومة إلى البرلمان في زمن رئاسته، معربًا عن ارتياحه لتقديم الميزانية قبل الموعد المقرر، ودعا في الوقت ذاته البرلمان الإيراني لمناقشة الميزانية والمصادقة عليها في فترة زمنية لا تتجاوز 40 يوما وفق لوائح البرلمان الإيراني.
لكن اللافت في الميزانية توزيع الجانب المخصص للقوات المسلحة ومنح الأفضلية لقوات "الحرس الثوري" حسب المتوقع. ودخلت العلاقة بين روحاني و"الحرس الثوري" مرحلة هدوء بعدما شهدت توترا في فترة الانتخابات الرئاسية.
وتربط أوساط سياسية تراجع روحاني بتوافق جرى بينه وبين 5 من كبار قادة "الحرس الثوري" قبل أدائه اليمين الدستورية في أغسطس/آب الماضي.
وتأتي الخطوة الإيرانية في تحد صريح للانتقادات الدولية لدور إيران الإقليمي، خصوصًا أنشطة "فيلق القدس" بقيادة قاسم سليماني وبرنامج الصواريخ الباليستية.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب رفض تجديد المصادقة على الاتفاق النووي ضمن إستراتيجية أعلنها لمواجهة الأنشطة الإيرانية في بداية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ، ومن المفترض أن يقرر الكونغرس الموقف الأميركي النهائي من الاتفاق النووي قبل نهاية ديسمبر/كانون الأول) الجاري.
وقال عضو لجنة الدفاع في البرلمان الإيراني محمد جمالي إن قوات القدس والمجال الصاروخي على رأس أولويات ميزانية القوات المسلحة الإيرانية، مشيرًا إلى أن قرارات البرلمان الإيراني لمواجهة مغامرات أميركا في المنطقة تخص قوات فيلق القدس والمجال الصاروخي.
وقدم روحاني مشروع الميزانية الجديدة الأحد إلى البرلمان ، ومن المفترض أن يصادق البرلمان على الميزانية الجديدة بعد شهر من مناقشتها في لجان برلمانية مختصة؛ على رأسها لجنة الميزانية.
وذكر جمالي أن المجال الصاروخي وقوات فيلق القدس التابعة للحرس الثوري تحتل صدارة أولويات ميزانية القوات المسلحة نظرا لتأكيدات قائد القوات المسلحة .
وبحسب البرلماني الإيراني، فإن الحكومة أقرت 5% من الميزانية العامة للقوات المسلحة وفقًا للبرنامج السداسي للتنمية ، إلا أنه في الوقت نفسه رفض التأكيد النهائي، فاتحًا الباب أمام متابعة لجنة البرلمان الخاصة للتأكد من الميزانية المقررة للقوات المسلحة.
وصرح البرلماني الإيراني في هذا الشأن "أهم النقاشات في الميزانية العامة، ميزانية القوات المسلحة نظرًا للتهديدات التي تواجهها إيران وتحظى بأهمية بالغة".
من جانب آخر، وجه جمالي انتقادات إلى الحكومة، وقال إن الرواتب والمزايا المخصصة للقوات المسلحة يجب أن تكون أعلى بـ20 % من الأقسام الأخرى، لكنها الآن أقل 20 %.
ووفقًا لعضو البرلمان الإيراني، فإن بلاده تواجه تهديدات على المستويين الإقليمي والدولي، وهو ما يدفعها لتعزيز قدراتها في القطاعات الجوية والبحرية والبرية.
وكشف جمالي عن مشاورات جرت مع وزير الدفاع حول الميزانية المخصصة للقوات المسلحة، وقال "في اجتماع جرى مع وزير الدفاع، فهو يعتقد أن الحكومة قدمت مساعدات على المستويات الدفاعية كافة.
وكشفت وكالة "إيسنا" الحكومية أن ميزانية القوات المسلحة بلغت 400 تريليون ريال "ما يعادل 11 مليار دولار" وتشمل الميزانية العسكرية قطاعات الجيش والحرس الثوري ووزارة الدفاع ومنظمة "الباسيج" التابعة لـ"الحرس الثوري".
ووفقًا لإعلان الحكومة، فإن ميزانية "الحرس الثوري" تساوي ما يقارب 3 أضعاف ميزانية الجيش الإيراني ، وبحسب ما ذكرته وسائل إعلام حكومية، فقد بلغت ميزانية "الحرس الثوري 267 تريليون و366 مليار و971 مليون ريال، وفي المقابل؛ أقرت الحكومة 97 تريليون و800 مليار و866 مليون ريال للجيش الإيراني ، بينما كان نصيب وزارة الدفاع والقوات اللوجيستية للقوات المسلحة 44 تريليون و971 مليار و355 مليون ريال.
وذهب 11 تريليون و804 مليارت و843 مليون ريال إيراني لمنظمة "الباسيج" الإيرانية.
وشهدت إيران مشاورات بين قادة الجيش الإيراني ومسؤولين في البرلمان وإدارة روحاني، وبحسب التسريبات، فإن قادة الجيش أبلغوا السلطات بحاجته إلى زيادة الميزانية.
وأبلغت مصادر مطلعة "الشرق الأوسط" الشهر الماضي أن الضغوط الاقتصادية التي يتعرض لها الجيش هدفها دفعه إلى التخلي طوعًا عن سلاح الطيران لصالح "الحرس الثوري".
ولتوضيح أهمية الميزانية الدفاعية ، أشارت وكالة "تسنيم" إلى أن "ارتفاع الميزانية على صلة بأولويات القوات المسلحة الإيرانية خلال الأعوام الخمسة المقبلة.
وبحسب الوكالة، فإن الأولويات الخمس تشمل تعزيز القدرات الصاروخية، وتنمية الدفاع المدني، وتنمية شبكة اتصالات القوات المسلحة، و"تحديث تقنيات أنظمة السلاح الإيرانية بالتناسب مع التهديدات" ، فضلًا عن تنمية وتطوير إمكانات الحرب الإلكترونية.
لكن وكالة "تسنيم" التابعة لـ"الحرس الثوري" أبدت استغرابها من تراجع ميزانية الجيش ، وبحسب ما ذكرت الوكالة، فإن ميزانية الجيش تراجعت على صعيد تحديث سلاح الطيران ومشروع توسيع الدفاع المدني، وفي المقابل، تم الإبقاء على الميزانية الحالية لدعم الأسطول الجوي والمطارات العسكرية، كما تظهر ميزانية القوات البحرية التابعة للجيش تراجعًا ملحوظا، بينما ارتفعت ميزانية الارتقاء بالقدرات القتالية للقوات البرية والعمليات المخابراتية والعمليات العسكرية للأسطول البحري في خليج عدن.
ميزانية وفق شعارات روحاني الانتخابية
بشكل عام، انقسم خطاب روحاني إلى قسمين؛ في البداية دافع عن برامج حكومته في السياسة الداخلية والاقتصادية، قبل أن يدخل إلى السياسة الخارجية
وفي دفاعه عن الميزانية، قال إن إطارها وفق الشعارات الانتخابية التي رددها في الانتخابات الرئاسية التي جرت في مايو/أيار الماضي ، وفاز بموجبها بفترة رئاسية ثانية ، ووعد روحاني بتحقيق نمو اقتصادي يفوق 5 % خلال العام المقبل الذي يبدأ في 20 مارس/آذار المقبل.
كما جدد روحاني دفاعه عن الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة "5+1" ، مشددًا على أن إيران شهدت تطويرين اقتصاديين كبيرين؛ أولهما تقليل فوائد أرباح التسهيلات، والثاني تشجيع الاستثمار الأجنبي ، لكنه في الوقت ذاته تحدث عن حاجة بلاده إلى تطويرات كبيرة على صعيد الصادرات غير النفطية.
وشكلت الشعارات الاقتصادية الجزء الأساسي من حملة روحاني الانتخابية ، ومع مرور مائة يوم على رئاسة روحاني، فإن الإحصاءات لا تظهر تحسنًا على صعيد تحسين الأوضاع المعيشية ومكافحة البطالة والفقر ورفع التمييز وتنشيط الاقتصاد المحلي والمشروعات الأساسية وحضور القطاع الخاص في اقتصاد البلد ، وقال روحاني إن الميزانية نموذج من توجه حكومته خلال الأعوام الأربع المقبلة.
ومن بين أهم وعود روحاني الأحد خلق فرص العمل ومواجهة البطالة الواسعة بعدما حصلت حكومته على استثمارات من بنوك خارجية ومحلية، على حد تعبيره.
في هذا الشأن ، رحب رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني بما وصفه بأنه إهتمام الحكومة بتحديات البلد المهمة" ، عائدًا إياه "خطوة إيجابية" ، إلا أنه في الوقت ذاته أشار إلى وجود قلق بشأن الميزانية.
في السياق نفسه، تراجعت ميزانية المشاريع العمرانية بنحو 11 ألف مليار تومان ، ورصدت الحكومة رصدت نحو 63 تريليون تومان ، لكن البرلمان رفع الميزانية إلى 71 تريليون تومان.
كما أقرت الحكومة تقليل ميزانية المساعدات المالية التي تقدمها الحكومة إلى الإيرانيين نحو 19 تريليون تومان، وهو ما يعادل إلغاء مساعدات أكثر من 30 مليون إيراني بحسب وكالة أنباء تسنيم.
وعزا روحاني توجه حكومته لتقليل المعونات المالية الحكومية، إلى اعتقاده بأن المعونات يجب أن تصل ليد المحتاجين ، وفي الدفاع عن خطوته، قال إنه يهدف إلى ترشيد المساعدات.
أرسل تعليقك