عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة مساء الخميس اجتماعًا غير رسمي خصص لبحث الوضع في سورية، واستمر حتى فجر اليوم الجمعة، من دون أن يصدر عنه أي بيان أو قرار بشأن وقف النار في حلب بسبب استمرار الخلافات الكبيرة بين أطراف النزاع.
واتهمت مندوبة الولايات المتحدة الأميركية لدى المنظمة الدولية السفيرة سامنثا باور، كلاً من روسيا والرئيس السوري بشار الأسد بأنهما المسؤولان عن تفجير المدارس وقصف المدنيين في حلب وبقية أنحاء سورية. وقالت إن "الجماعات الإرهابية لا تسقط القنابل الخارقة للتحصينات على المستشفيات والمدنيين في حلب. إن أسماء الجناة معروفة في سورية وهما روسيا وبشار الأسد".
وأضافت باور قائلة: "صحيح أن هناك إرهابيين في سورية، لكن نظام بشار الأسد لم يفعل شيئا حيال تنظيم "داعش"، وعلى روسيا أن تتوقف عن استخدام حق النقض في كل مرة يسعى مجلس الأمن لإصدار قرار بشأن سورية".
من جانبه قال استيفان دي مستورا المبعوث الخاص للأمم المتحدة المعني في سورية، إن "منطقة شرق حلب قد تدمر قبل عيد الميلاد المجيد ونهاية العام الحالي، إذا عاد مستوى العنف إلى ما كان عليه قبل الهدنة التي أعلنتها روسيا وسورية من جانب واحد لمدة إحدى عشرة ساعة يوميا". ورحب المسؤول الأممي بـ"الوقف الأحادي للعمليات الجوية من روسيا والحكومة السورية" معربا عن أمله في أن "تستمر الهدنة لعدة أيام ".
واستدرك قائلا: "لكن هذا الوقف الأحادي للقصف الجوي لا يعد بعد تطبيقا لمبادرتنا الخاصة بحلب، نحن نأمل أن يكون وقف القصف أكثر من مجرد مبادرة مؤقتة، فإذا كانت مؤقتة فإننا نشعر بالقلق من أن استئناف المستوى السابق للقصف قد يؤدي، كما ذكـّرنا الأمين العام، إلى تدمير شرق حلب بالتحديد قبل حلول عيد الميلاد المجيد ونهاية العام الحالي".
واستعرض دي مستورا العناصر الرئيسية لمبادرته المتعلقة بحلب، وقال إنها تتضمن "الوقف التام والفوري للقصف في شرق حلب، ولإطلاق القذائف على غرب حلب، والقتال على الخطوط الأمامية داخل المدينة، وإجلاء مقاتلي النصرة، المصنفة من قبل الأمم المتحدة بأنها منظمة إرهابية". وتابع قائلا: "لا ينطبق هذا على أعضاء المنظمات والجماعات المسلحة غير الإرهابية الموجودين في حلب، إلا إذا أرادوا المغادرة. ويجب أن يغادروا مع أسلحتهم إلى أماكن متفق عليها".
وأشار إلى أن مبادرته تتضمن أيضا "الرفع الفوري للحصار من الناحية الإنسانية لضمان الوصول الإنساني إلى شرق حلب، وبقاء الإدارة المحلية المستقلة الحالية دون المساس بها... دون أي تدخل من الحكومة أو عوائق، لأداء مهامها بما فيها توفير الخدمات والقضاء، بما في ذلك الحماية الذاتية ضد "المفسدين" بدعم من الجماعات المسلحة بخلاف النصرة".
وأكد أن المبادرة تتضمن كذلك تقديم ضمانات بشأن استعداد الحكومة لوقف الأنشطة العسكرية، والسماح بالمرور الآمن للمقاتلين، والاحترام الكامل للإدارة المحلية. وإعلان ضمانات بشأن استعداد الجماعات المعارضة المسلحة لمغادرة الإرهابيين وبقاء غيرهم مع احترام اتفاق وقف الأعمال العدائية". وأعلن دي ميستورا أنه يواصل مشاوراته المكثفة، نيابة عن الأمين العام، مع جميع الأطراف المعنية للنظر في كيفية تعديل بعض العناصر.
وبدوره انتقد بشدة مندوب روسيا الدائم لدي الأمم المتحدة السفير فيتالي تشوركين الإفادة التي قدمها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال اجتماع الجمعية العامة بشأن سورية وقال تشوركين إن "الأمين العام لم يذكر في إفادته أي شيء عن الإرهاب الذي تمارسه الجماعات المتطرفة في سورية".
وأضاف قائلا: "لا أعرف عما يتحدثون هنا في هذا الاجتماع. إن الأمين العام لم ينوه مطلقا في إفادته إلى إرهاب جبهة النصرة وتنظيم داعش، كما أن المبعوث الخاص إلى سوريا يحدثنا عن خروج الإرهابيين من حلب بكرامة.. أي كرامة نريد أن نمنحها للإرهابيين؟"
من جهته طالب مندوب السعودي الدائم لدي الأمم المتحدة السفير عبد الله المعلمي في إفادته خلال الاجتماع بضرورة تثبيت هدنة إنسانية في حلب وحماية المدنيين وإيجاد آلية لإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين في المدينة. كما شدد المعلمي على "فرض منطقة حظر طيران جوي فوق سوريا وطرد الميليشيات الإيرانية وميليشيات حزب الله" محذرا من أن "النظام السوري يقوم بعمليات تصفية وتطهير عرقي تفرض محاسبته عليها".
بدورها دعت الشيخة علياء آل ثاني مندوبة قطر الدائمة لدى الأمم المتحدة الأمين العام بان كي مون إلي عقد جلسة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وقالت إن "العديد من الضحايا الذين يتساقطون في سورية هم من النساء والأطفال".
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، كشف أمس الخميس، عن أن 500 سوري أكثر من ربعهم أطفال قتلوا، وأصيب نحو ألفين آخرين، جراء غارات للنظام على حلب منذ 23 سبتمبر/أيلول الماضي. جاء ذلك في إفادة له خلال اجتماع غير رسمي للجمعية العامة للأمم المتحدة حول سورية. ووصف كي مون، الهجوم الذي يشنه النظام علي حلب بأنه "الأعنف والأكثر تواصلا منذ بدء الصراع في سورية". وأضاف أن "الصراع هبط إلى مستويات مرعبة حيث لم تتمكن أية قافلة إنسانية تابعة للأمم المتحدة من الوصول إلى شرقي حلب منذ 7 يوليو/تموز الماضي".
وأعرب أمين عام الأمم المتحدة، عن "أسفه" إزاء "إخفاق مجلس الأمن في الاضطلاع بمسؤولياته لدعم السلام والأمن في سورية". وختم قائلا: "إنني منزعج من أن المنافسات الإقليمية أصبح لها الأولوية على احتياجات الشعب السوري .. لا يوجد حل عسكري للأزمة".
أرسل تعليقك