خطأ تكتيكي يترك موغابي الضعيف في مواجهة نهاية حقبته
آخر تحديث GMT18:30:59
 العرب اليوم -

عصر "الرفيق بوب" يبدو قريبًا جدًّا مِن نهايته

خطأ تكتيكي يترك موغابي "الضعيف" في مواجهة نهاية حقبته

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - خطأ تكتيكي يترك موغابي "الضعيف" في مواجهة نهاية حقبته

لرئيس الزيمبابوي روبرت موغابي
هراري ـ عادل سلامه

بدأ التفكك النهائي لحُكم الرئيس الزيمبابوي روبرت موغابي الذي استمر 37 عاماً، بخطأٍ تكتيكي غير معهود، فمن أجل تمهيد الطريق أمام زوجته غريس وعصبتها ذات النفوذ المتزايد، دَخَلَ الحاكم المُستبد، البالغ من العمر 93 عاماً، في مواجهةٍ حاسمةٍ مع الرجل الوحيد القادر على خوض تحدٍّ ناجحٍ ضد سلطته في زيمبابوي التي كانت مستعمرةً بريطانية سابقة، فخسر أمامه.

وأقال موغابي، إيمرسون منانغاغوا، نائب الرئيس سابقاً، المُلقَّب بـ"التمساح" لمكرِه وطول عمره وصلابته، من منصبه قبل تسعة أيام، وكان ينبغي لموغابي، أكبر الحُكام سنًا في العالم، وزوجته البالغة من العمر 53 عاماً التفكير ملياً في طريقة الإقالة، لكنَّ ذلك لم يحدث، فصار موغابي قيد الإقامة الجبرية في مقر إقامته الرسمي في ضاحية بوروديل الراقية، ولا يعرف أحد مكان وجود زوجته غريس موغابي.
وكان موغابي ينوي إقالة منانغاغوا وجهاً لوجه في مكتبه، بيد أنَّ رئيس الاستخبارات السابق رفض السفر لمسافةٍ قصيرةٍ عبر العاصمة الزيمبابوية هراري لمقابلته، وحاول الرئيس مرةً أخرى مقابلة منانغاغوا، مُعاوِنه وساعده الأيمن منذ أن كانا يحاربان معاً في حروب التحرير في سبعينيات القرن الماضي، وطلب منه في هذه المرة الحضور إلى مقر إقامة الرئيس الرسمي، ولكن لم يصله أي رد مرةً أخرى.

وقال مسؤولٌ في الحزب الحاكم، الذي يحمل اسم ZANU-PF أو "الاتحاد الأفريقي الوطني في زيمبابوي - الجبهة الشعبية"، إنَّ هذا الرفض الثاني اعتُبِرَ دليلاً على التخاذل، وبعد ذلك بساعات، أعلن متحدث باسم الحكومة في مؤتمرٍ صحافي في هراري إقالة منانغاغوا من منصبه بسبب "الخيانة، وعدم الاحترام، والخداع، وعدم الجدارة بالثقة". 

وهرب منانغاغوا، الذي كان متوقعاً أن يخلف موغابي المريض منذ وقت قريب في شهر أغسطس/آب الماضي، إلى دولة موزمبيق المجاورة. ثم أعقبت ذلك فترة هدوءٍ قصيرة شهدت تشاور منانغاغوا وحلفائه مع الجيش الزيمبابوي وأنصارٍ آخرين في زيمبابوي ومدينة جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا، بالإضافة إلى مُمثِّلين عن حكومة جنوب أفريقيا. وكان دعم جنوب أفريقيا الضمني حاسماً، إذ لم يكن نجاح أي محاولة لإطاحة موغابي ممكناً دون الدعم الإقليمي الذي يمكن لجنوب أفريقيا توفيره.
وقال كونستانتين تشيوينغا قائد الجيش الزيمبابوى يوم الإثنين، 13 نوفمبر/تشرين الثاني، إنَّ الجيش سيتدخل في حال تهديد الاستقرار والأمن فى البلاد.

ولم يكن هناك ردٌ من موغابي، وأعلن بعض أنصار زوجته غريس التحدي. وفي عصر يوم الثلاثاء، 14 نوفمبر/تشرين الثاني، اتخذت عرباتٌ مُدرَّعة مواقعها حول هراري، وبحلول الساعة الواحدة صباحاً من يوم أمس، الأربعاء 15 نوفمبر/تشرين الثاني، أحكم الجيش قبضته على استوديوهات الإذاعة الحكومية، وأعلن تشيوينغا تدخُّل الجيش للحفاظ على الوطن من "المجرمين". وأدرك الكثيرون في زيمبابوي أنَّ تشيوينغا يقصد العصبة، التي تحمل اسم G40، المحيطة بالسيدة الأولى.

يُذكَر أنَّ الصراع على السلطة بين منانغاغوا وغريس موغابي كان محتدماً طوال عدة أشهُرٍ ماضية حتى قارب على بلوغ ذروته. وسيضطر الطرف الخاسر في الصراع للسفر إلى أي منفى، هذا إن غادر البلاد في الوقت المناسب.

كان مُعظم المُحلِّلين والدبلوماسيين الغربيين يُرجِّحون فوز منانغاغوا. وصحيحٌ أنَّ المعركة قائمةٌ في أروقة الحزب الحاكم، ولكنَّ أهميتها وصلت إلى ما هو أبعد من ذلك، وتحولت إلى صراع أجيالٍ بين محاربين قُدامي خاضوا حروب السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي ومنافسين طموحين أصغر سناً، إذ يُشير اسم G40 إلى متوسط أعمار أعضاء الجماعة. ثم حدث تحوُّلٌ في مسار الأحداث، ويبدو أنَّ الرئيس قرر تفضيل أسرته على الحزب، إذ شهدت الأسابيع الأخيرة تحدُّث السيدة الأولى علانيةً عن احتمالية تولِّي سيدةٍ لرئاسة البلاد في المستقبل القريب، فضلاً عن مجاهرة زوجها بانتقاد أنصار منانغاغوا.

ومن المقرَّر أن يجتمع أعضاء الحزب الحاكم فى مؤتمره السنوى في شهر ديسمبر/كانون الأول المُقبل حتى تُعلَن ترشيحات المناصب العليا ويجري التصديق عليها. ولا شك في أنَّ احتمالية ترشيح غريس موغابي لمنصب نائب الرئيس جذبت انتباه منانغاغوا والعديد من أنصاره داخل الجيش، وما عزَّز جذب انتباههم هو عملية التطهير الجارية داخل الحزب التي هددت نفوذهم وامتيازاتهم. وهم يعرفون كذلك أنَّ غريس، على عكس زوجها المعزول موغابي، مكروهةٌ من الجميع تقريباً في زيمبابوي،إذ تعُج بعض وسائل الإعلام التي تتحلى بصراحةٍ نسبية بتقارير عن جولات تسوق السيدة الأولى وتبذيرها في الشراء، والسلوكيات الطائشة لابنيها اللذين يُنفقان ببذخٍ في الملاهي الليلية، ونوبات غضبها العنيفة كما يُزعَم. حتى أنَّ بعض مؤيدي الرئيس المُخلصين يقولون إنَّها ينبغي ألَّا تخلُف زوجها أبداً.

ولم يكن منانغاغوا، أيضاً، يحظى بقبولٍ كثيراً. فدَوره في مذابح منطقة ماتابيليلاند، غربي زيمبابوي، في أوائل الثمانينيات أدَّى إلى نُفور أكثر سكان مناطق جنوبي وغربي زيمبابوي منه. ولكنَّ الرجل، البالغ من العمر 75 عاماً، يحظى باحترامٍ، ومن المحتمل أن يلقى قبولاً كقائد. وعلاوةً على ذلك، سيكون هناك أملٌ في بعض الاستقرار، وفرصةٌ لإعادة استنهاض الاقتصاد المُنهار.

ولكنَّ منانغاغوا ليس قائداً حتى الآن. ولِكي يحدث ذلك، لا بد من عقد صفقة ما. وقد بدأ الجيش بالتواصل مع المعارضة منذ التحوُّل. ويقول مسؤولو المعارضة إنَّ المحادثات مع "أفراد الجيش" جاريةٌ منذ عدة أشهر حول استبدال موغابي بسلطةٍ انتقالية بقيادة منانغاغوا ولكن بشرط وضع سياسيي المعارضة البارزين مثل مورغان تسفانغيراي، القائد المخضرم لـ"حركة من أجل تغيير ديمقراطي"، في المناصب العليا.
ومن المقرَّر إجراء الانتخابات العام المُقبل ولكن قد يُدعى لعقدها في وقتٍ مبكِّر. وعلى الرغم من الدعم الواسع التي تحظى به "حركة من أجل تغيير ديمقراطي" في المدن وبين أوساط الشباب، قد لا يزال من المحتمل فوز منانغاغوا بترشيح حزب الاتحاد الوطني الأفريقي الزيمبابوي – الجبهة الوطنية، وخصوصاً إذا كانت أجهزة الحزب تدعمه وإذا بدا أنَّه مُستعدٌ لقيادة حكومة شاملة. لذلك فإنًّ موغابي، "المحمي" من قِبل الجيش في مكان إقامته في العاصمة، هراري، يُواجه قراراً صعباً. فقد يسعى لمقاومة القوة السياسية الهائلة التي تتحرَّك بسرعةٍ نحوه، أو التفاوض، أو الانصياع طواعيةً لقادة زيمبابوي الجُدُد. ويقول مسؤولو المعارضة إنَّهم يعتقدون أنَّ موغابي سيستقيل بحلول نهاية الأسبوع. ويقول آخرون إنَّه سيُسمَح له، حفاظًا على ورقة التوت الأخيرة، بأن يقول إنَّه لن يُنافس في أي انتخاباتٍ مُقبِلة، ومن ثمَّ يترك البلاد بهدوء.

والحقيقة هي أن ما مِن أحدٍ يعرف ما سيحدث. لدى موغابي سمعةٌ مُستَحَقة بالعنادِ ومخالفة التوقُّعات. لكنَّه كبيرٌ في السن، وفي موقفٍ ضعيف. ويُعد موغابي واحداً من الناجين السياسيين في أفريقيا، لكن يبدو أن عودةً نهائية له غير محتملة. فعصر الرفيق بوب يبدو قريباً جداً من نهايته.​

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطأ تكتيكي يترك موغابي الضعيف في مواجهة نهاية حقبته خطأ تكتيكي يترك موغابي الضعيف في مواجهة نهاية حقبته



GMT 05:29 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الإطاحة بموغابي إعادة لتوزيع السلطة داخل النخبة الحاكمة

GMT 05:13 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

زيمبابوي تقول لروبرت موغابي "انتهت الُّلعبة لك لوزوجتك غريس"

GMT 01:02 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات تطالب برحيل موغابي بعد وضعه قيد الإقامة الجبرية

GMT 15:20 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس زيمبابوي يُقاوم وساطة قس كاثوليكي لترك السلطة بهدوء

GMT 16:06 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

تدخل الجيش في زيمبابوي يضع النهاية لطموح غريس موغابي

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 00:54 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025
 العرب اليوم - أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025

GMT 16:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
 العرب اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 01:10 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

دليل مُساعد لإضافة لمسة جذابة إلى صالون المنزل
 العرب اليوم - دليل مُساعد لإضافة لمسة جذابة إلى صالون المنزل

GMT 02:43 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
 العرب اليوم - غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 15:16 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العلاقة بين الاكتئاب وحرارة الجسم دراسة جديدة تسلط الضوء
 العرب اليوم - العلاقة بين الاكتئاب وحرارة الجسم دراسة جديدة تسلط الضوء

GMT 01:49 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يحدد 3 مفاتيح لاستعادة الأمن في شمال إسرائيل
 العرب اليوم - نتنياهو يحدد 3 مفاتيح لاستعادة الأمن في شمال إسرائيل

GMT 10:59 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 08:56 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

هجرات جديدة على جسور الهلال الخصيب

GMT 17:12 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 31 شخصا على الأقل في هجمات إسرائيلية في قطاع غزة

GMT 03:11 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الخطوط الجوية الفرنسية تعلق رحلاتها فوق البحر الأحمر

GMT 22:38 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5.2 درجة على مقياس ريختر يضرب شمال اليونان

GMT 17:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة 32 جنديا بينهم 22 في معارك لبنان و10 في غزة خلال 24 ساعة

GMT 01:36 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الدولة الفلسطينية

GMT 09:18 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هيدي كرم تتحدث عن صعوبة تربية الأبناء

GMT 15:09 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

توتنهام يتأخر بهدف أمام أستون فيلا في الشوط الأول

GMT 11:18 2024 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

رامي صبري يُعلق على حفلته في كندا

GMT 04:13 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يعرب عن «صدمته» إزاء المعارك في وسط السودان

GMT 21:38 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هاريس تتعهد بالعمل على إنهاء الحرب في الشرق الأوسط
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab