تجددت الاحتجاجات الشعبية في العراق، اليوم الجمعة، ضد الفساد وسوء الخدمات وللمطالبة بإجراء إصلاحات واسعة في البلاد من شأنها محاسبة كبار الفاسدين، ويأتي ذلك في إطار استمرار التظاهرات منذ أشهر.
والتقى عددٌ من منظمي التظاهرات في ساحة التحرير أو ما يعرف بـ"الحراك المدني" في العراق رئيس الحكومة حيدر العبادي، الخميس، في محاولة لإيصال مطالبهم إلى السلطة التنفيذية بشكل مباشر.
وجاء اللقاء بدعوة من العبادي وطرح فيه عددٌ من النقاط التي من الواجب على الحكومة تنفيذها في الوقت الحاضر، كما قال المتظاهرون في بيانهم عقب اللقاء، مؤكدين أن ما طُرح يمثل أبرز مطالب متظاهري ساحة التحرير والمحافظات الأخرى، وهي مطالب من شأنها إصلاح بنية الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان الحريّات العامة، وإصلاح النظام السياسي في البلاد وتخليصه من وباء المحاصصة الطائفية وإبعاد مؤسسات الدولة عن الولاءات الحزبية.
وأشار البيان، "في البدء" إلى أن "حزم الإصلاح" لا ترقى لهذه التسمية وإنما هي محض إجراءات طبيعية تعمل عليها أية حكومة تعيش حالة التقشف بسبب تدهور الوضع الاقتصادي، ولا يمكن اعتبارها جزءًا من مطالب الشعب العراقي.
وأكدّ البيان، استمرار التظاهرات لحين تنفيذ المطالب التي سلّمت لرئيس الحكومة العبادي في عدة محاور أساسية، هي:"إصلاح القضاء وفق آليات قانونية ودستورية، بعيدًا عن أي تأثير حزبي وطائفي، لأن ذلك وحده كفيل بضمان استقلال القضاء وعدالته، واتخاذ إجراءات جادة لإصلاح هيكلية وعمل الهيئات المستقلة، ومحور الخدمات وضرورة الارتقاء بها ومحاسبة المقصرين فيه، وفتح ملفات الفساد ومعاقبة المفسدين وإحالتهم إلى القضاء واستقلالية إعلام الدولة وتحرير شبكة الإعلام العراقي من هيمنة الأحزاب السياسية".
كما طرح بعض الحاضرين قضايا أخرى كضرورة الاهتمام بالفنون والثقافة، وأن تبتعد بعض الجهات الأمنية عن الإجراءات الاستفزازية بحق المتظاهرين من خلال منع دخول الأجهزة الصوتية في التظاهرات. وطرحوا كذلك ملف حقوق الإنسان والانتهاكات الأمنية والسياسية وإجراءات الاعتقال خارج السياقات القانونية، وضرورة تفعيل قانون "من أين لك هذا" وفصل الإدارة عن السياسة، وأهمية تغيير الكابينة الوزارية بسبب فشلها في إدارة ملف الخدمات، وجعل الحكومة بأكملها حكومة إصلاح.
وأكدّ أعضاء الحراك المدني للعبادي في ختام اللقاء على أهمية أن يستثمر الوقت وأن لا يترك مجالًا للفاسدين للعبث بمقدرات الشعب العراقي، وأن يتخذ قرارات أكثر جرأة لفضح رؤوس الفساد، وعدم إهمال مطالب المتظاهرين، مشيرين إلى أنه على العبادي البدء بالإصلاح من حزبه وائتلافه ليكون أكثر إقناعًا للناس بقدرته على الإصلاح.
بدوره، أوضح العبادي، أهمية تواصل التظاهرات والتواصل معه شخصيًا لإيصال مطالب المتظاهرين وسد الطريق أمام الذين يريدون خلق فجوة بين العراقيين.
وتظاهر العشرات من المواطنين والناشطين المدنيين في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، الجمعة، للمطالبة بمحاسبة "كبار الفاسدين"، وعبّر المحتجّون عن سخطهم الشديد إزاء ما آلت إليه الأوضاع في البلاد، منددين بسوء الخدمات التي تسببت في غرق شوارع العاصمة بمياه الأمطار، ورفع المتظاهرون شعارات تطالب الحكومة بإجراء المزيد من الإصلاحات.
وفي ميسان، تجمّع العشرات من أهالي المحافظة في شارع دجلة وسط مدينة العمارة في تظاهرة حملت اسم "جمعة محاسبة حيتان الفساد"، وطالبوا بمحاسبة المسؤولين الفاسدين وإصلاح مؤسسات الدولة وإقالة رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود.
ورفع عشرات المحتجين وسط مدينة الكوت لافتات كتب عليها "خبز.. حرية.. دولة مدنية"، بينما شهدت محافظتا كربلاء وبابل تظاهرتين طالب المشاركون فيهما بإجراء مزيد من الإصلاحات في مؤسسات الدولة.
وندد العشرات من أبناء محافظة ذي قار تجمّعوا وسط مدينة الناصرية بسلم الرواتب الجديد، عادّين إياه "خطوة خاطئة".
اما في البصرة فقد شارك العشرات في ثلاث تظاهرات قرب ديوان محافظة البصرة، اثنان منها للمطالبة بإجراء إصلاحات تشمل مكافحة الفساد الإداري والمالي، والثالثة لموظفين في ديوان الرقابة المالية يطالبون بعدم تخفيض رواتبهم.
وفي الديوانية، طالب آلاف المواطنين بتحقيق الإصلاحات، فيما حذّروا ما وصفوها بـ"الأحزاب الحاكمة" في الديوانية من "تسويف" مطالبهم.
وحاول المحتجّون اقتحام مقرات حزبي "الفضيلة" و"الدعوة" ومكتب النائب عبد الحسين الموسوي عن حزب الفضيلة، كما طالبوا مسؤولي الأحزاب بإخلاء مقراتهم.
واعتبر المحتجّون، أنّ هذه الجمعة هي "بداية الخلاص من حكم الأحزاب في العراق والديوانية خصوصًا"، محذرين الأحزاب المتواجدة في الديوانية من "تسويف مطالبهم". وحالت القوات الأمنية دون وصول المتظاهرين إلى مقرّات الأحزاب.
وتظاهر المئات من أهالي قضاء المشخاب (30 كم جنوبي النجف) وسط المدينة وأغلقوا مبنى المجلس المحلي احتجاجًا على سوء الخدمات، كما تظاهر العشرات من أهالي محافظة المثنى للمطالبة بإجراء المزيد من الإصلاحات ومحاسبة المسؤولين الفاسدين.
أرسل تعليقك