عقدت الهيئة العليا لمؤتمر المعارضة السورية في الرياض، سلسلة اجتماعات مع ممثلي مجموعة "أصدقاء سورية" ومسؤولين آخرين، لدرس نتائج المؤتمر، والاستعداد للقاء الهيئة في العاصمة السعودية، الخميس والجمعة المقبلين، قبل انطلاق المفاوضات مع وفد الحكومة في جنيف، الشهر المقبل، وبات ممثلو الفصائل المقاتلة يشكلون ثلث كل من الهيئة العامة والوفد المفاوض.
بدأ اليوم التالي لمؤتمر الرياض، بإضافة رجل الأعمال وليد الزعبي إلى قائمة الهيئة العليا للمؤتمر بعدما تم مساء أول من أمس ضم مقعد إلى ممثلي الفصائل المقاتلة، بحيث باتت حصتهم ١١ مقعداً من ٣٤ في الهيئة التي تضم أيضاً تسعة من "الائتلاف الوطني السوري" وخمسة من "هيئة التنسيق" ومستقلين.
وعقد لقاء بين أعضاء الهيئة عدا ممثل "أحرار الشام الإسلامية" لبيب نحاس، وممثلي دول "أصدقاء سورية" الأميركي والبريطاني والفرنسي وآخرين، جرى فيه بحث البيان الختامي لمؤتمر الرياض، بحيث قدّم المبعوثون عرضا للعملية السياسية ونتائج بيان "المجموعة الدولية لدعم سورية" الصادر منتصف الشهر الماضي، إضافة إلى ضرورة الاستعداد لمرحلة التفاوض مع ممثلي الحكومة.
وبدا واضحاً وجود ثلاث نقاط في البيان الختامي، تتطلب شرحاً لدى ذهاب الوفد التفاوضي إلى جنيف، تتعلق بعبارة "رحيل (الرئيس) بشار الأسد لدى بدء المرحلة الانتقالية" ذلك أن أحد المسؤولين الغربيين تحدث عن "التاريخ المحدد لذلك، وما إذا كان يعني وقت توقيع تشكيل المرحلة الانتقالية أم انه يعني بدء هذه المرحلة"، إضافة إلى الحديث عن العلاقة بين وقف النار والمرحلة الانتقالية خصوصاً أن البيان أشار إلى أن وقف النار يتم بعد "تشكيل المؤسسات الانتقالية" من دون تحديد هذه المؤسسات. ومن الأمور الأخرى التي خضعت للنقاش موضوع الحديث عن "ضمانات دولية" تتعلق بإجراءات بناء الثقة قبل بدء المفاوضات مع ممثلي الحكومة، على أساس وجود غموض في هذه المسألة.
ويتوقع أن يكون هذا أحد الأمور الرئيسية التي ستطرح في اجتماع الهيئة في الرياض نهاية الأسبوع. وكان بين الاقتراحات أن تصوغ الهيئة خريطة طريق أو "آليات ومبادئ" يحملها الوفد التفاوضي إلى جنيف، بحيث يتم تحديد "الأهداف، الآليات، الخطوط الحمر".
ويتضمن البند الثاني، انتخاب رئيس لهذه الهيئة حيث بدا عمليا أن رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب سيترأس هذه الهيئة التي ستتخذ من الرياض مقراً لها وستحصل على "كل التسهيلات اللازمة"، إضافة إلى صوغ نظام داخلي وتعيين مسؤولين إعلاميين وانتخاب الوفد المفاوض. وعلم أن الوفد سيضم ١٥ عضواً بينهم ٤ من ممثلي الفصائل المقاتلة و٦ من "الائتلاف" وثلاثة من "هيئة التنسيق" واثنان من المستقلين.
وتوقّع مسؤولون أن يحصل جدل كبير في دمشق إزاء مشاركة ممثلي الفصائل المقاتلة في الوفد المفاوض باعتبار أن "النظام سيعتبرهم إرهابيين ولن يجلس ممثلوه معهم إلى طاولة واحدة"، لافتين إلى احتمال أن "يحرج هذا الأمر روسيا".
ونجحت دول عربية في الحصول على دعم أميركي لموقفها في عدم اعتبار "أحرار الشام" و "جيش الإسلام" تنظيمين إرهابيين. كما أن مشاركة ممثليهما في المؤتمر كان بين الأمور اللافتة. وعلم أن نقاشات تجري في "أحرار الشام" لاتخاذ موقف نهائي من نتائج المؤتمر.
وكان مدير جلسات المؤتمر رئيس "مركز الخليج للدراسات" عبدالعزيز صقر اقترح أول من أمس تحويل أعضاء المؤتمر البالغ عددهم ١١٦ عضواً إلى "هيئة عامة" والهيئة العليا للمفاوضات إلى "أمانة عامة"، وانتخاب هيئة قيادية للمؤتمر مع توفير مقر دائم في الرياض. لكن الأمر الواضح إلى الآن هو أن الرياض هي المقر الدائم للهيئة العليا التي ستدير المفاوضات.
وبدا واضحاً وجود "قلق" لدى بعض المسؤولين في "الائتلاف" بوجود مساع لتشكيل "كيان سياسي بديل" من "الائتلاف" أو "سحب البساط رويداً من تحته"، ويتوقع إجراء اتصالات إقليمية تتعلق بهذا الشأن.
وفي موازاة اجتماع الهيئة مع ممثلي "أصدقاء سورية"، التقى رئيس "هيئة التنسيق" حسن عبدالعظيم وفريق السفير الروسي في الرياض، لاطلاعه على نتائج مؤتمر الرياض. وقال عبدالعظيم إن المؤتمر كان "ناجحاً بكل المقاييس، إذ إن الجميع تبنى الحل السياسي بما فيها الفصائل المسلحة، وهذا أمر مهم". كما أشار إلى "لغة البيان كان يمكن أن تكون سياسية أكثر، لكن البيان جيد لأنه أكد على الحل السياسي بناء على بيان جنيف ومسار فيينا".
وجدد الإشارة إلى ضرورة حل أمر عدم وجود كتل سياسية أخرى مثل "الاتحاد الديموقراطي" بزعامة صالح مسلم و"الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير" برئاسة قدري جميل و"منبر النداء الديموقراطي" سمير العيطة، مقترحاً ضم ممثليهم إلى الهيئة العليا والوفد المفاوض. كما جرى اقتراح آخر بضم نساء إلى الجسمين الجديدين: الهيئة والوفد.
واعتبر مشاركون آخرون أنها "المرة الأولى التي يتفاهم فيها معارضو الداخل والخارج على وثيقة مشتركة حظيت بدعم وتأييد أوسع تمثيل ممكن إلى الآن بما في ذلك الفصائل المقاتلة"، مشيرين إلى "الدور الإيجابي شكلاً ومضموناً" الذي لعبه الجانب السعودي لتحقيق ذلك سواء في كيفية توفير أكبر وقت للمشاركين للحديث مع بعضهم بعضا من دون شكل رسمي أو ترتيب الجلوس ومكان المطعم والاتصالات أو كيفية إدارة الحوار من قبل ميسر المؤتمر.
وأكد معالي دكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية أن اتفاق المعارضة السورية، خلال مؤتمر الرياض هو إنجاز مهم للمملكة العربية السعودية ولدورها المحوري في حل الأزمة السورية.
وقال دكتور قرقاش على "تويتر" إن "اتفاق الرياض خطوة إيجابية في معالجة الأزمة السورية" ويظهر "محورية الدور السعودي" في حل الأزمة. وأضاف أن "انتقال العمل السياسي السوري إلى الرياض خطوة إيجابية نحو معارضة موحدة مؤثرة".
وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أكد خلال استقباله أول من أمس، أعضاء المعارضة السورية في الرياض، أن المملكة حريصة على تحقيق الأمن والاستقرار والعدل في سوريا، وأن تعود بلداً آمناً مستقراً. يأتي ذلك في وقت أعلن الناطق باسم وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن الأخير سيلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو الثلاثاء المقبل، للبحث في الملف السوري وسبل مكافحة تنظيم داعش.
وقال لافروف إن إصرار الغرب على إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد قبل أن يعمل بشكل وثيق مع روسيا في مكافحة داعش خطأ فادح، مكرراً مقولة إن مصير الأسد لا يجوز لأحد أن يحدده سوى الشعب السوري.
على صعيد الأزمة الروسية التركية، دعا وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو، روسيا إلى التهدئة وقال إن لصبر تركيا حدودا، في حين أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجيش بالرد على أي تهديد في سوريا بمنتهى الحزم، مؤكداً وجود تعاون ثلاثي بين قواته والجيش السوري الحر وقوات النظام. وكشف عن أن روسيا تساند الجيش السوري الحر المعارض وتقدم له الأسلحة والذخيرة والدعم الجوي في عمليات مشتركة مع القوات السورية في مواجهة المتشددين.
إلى ذلك، قتل العشرات بينهم طبيب وأربع نساء، في 3 انفجارات مفخخة، تبناها تنظيم داعش الإرهابي، ووقعت بالقرب من المركز الصحي وسوق الخضار ومنطقة أخرى ببلدة تل تمر بمحافظة الحسكة شمال شرق سوريا.
أرسل تعليقك