يواجه أكثر من 1.7 مليون لاجئ سوري في الأردن ولبنان وتركيا والعراق ومصر خطر المجاعة في الشتاء، على خلفية أزمة التمويل التي ضربت برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، الذي أوقف العمل بالقسائم الغذائية، لمئات الآلاف الذين هجروا وطنهم جراء الصراع الذي تشهده البلاد.
وعمل برنامج الغذاء العالمي، منذ اندلاع الحرب في آذار/مارس 2011، على تقديم المساعدات الغذائية لملايين السوريين داخل البلاد، واستخدم برنامج القسائم الغذائية، وهي عبارة عن قسيمة تمكن اللاجئ من شراء مستلزماته الغذائية من المتاجر المحلية، لضخ نحو 800 مليون دولار في اقتصاد البلاد التي تستضيف اللاجئين السوريين.
ولكن بعد أن وجد برنامج الغذاء العالمي نفسه غير قادر على توفير 64 مليون دولار لدعم هذه القسائم في كانون الأول/ ديسمبر، أعلن عن إيقافه لهذه القسائم، عقب العجز المالي الذي لحق به، وأدى إلى خفض المخصصات الغذائية للاجئين السوريين في الوقت الذي يحاول فيه تقديم مساعدات لنحو 4.25 مليون شخص.
وأطلقت المدير التنفيذي للبرنامج إريتارين كوزن، نداء صريحًا وعاجلاً للمانحين، وناشدتهم الوفاء بالتزاماتهم، محذرة من أن "هذا التعليق للقسائم سيكون له أثر مدمر على حياة أكثر من 1.7 مليون شخص".
وأضافت "سوف يعرض هذا صحة وسلامة هؤلاء اللاجئين للخطر ومن المحتمل أن يسبب المزيد من التوتر وعدم الاستقرار وانعدام الأمن في البلدان المضيفة المجاورة"، مشيرة إلى أنَّ "تعليق المساعدات الغذائية التي يقدمها البرنامج سيكون بمثابة كارثة لكثير من الأسر التي تعاني بالفعل".
وأبرزت أنَّ "اللاجئين السوريين، الذين يقيمون في المخيمات غير الرسمية في جميع أنحاء المنطقة، ليسوا على استعداد لمواجهة فصل شتاء صعب مرة أخرى، لاسيما في لبنان والأردن، حيث تغرق الخيام في الوحل، وظروف النظافة هناك سيئة ويفتقر العديد من الأطفال للأحذية وملابس الشتاء".
وأشار منسق الطوارئ الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي، والمسؤول عن أزمة سورية، مهند هادي، إلى أنَّ "العواقب للاجئين السوريين والدول المضيفة قد تكون مدمرة".
وتابع "نحن قلقون جدًا إزاء التأثير السلبي لهذه التخفيضات على اللاجئين، وكذلك الدول التي لها المضيفة، لقد تحملت هذه البلدان عبئًا ثقيلاً طوال هذه الأزمة."
وبيّن المتحدث باسم مكتب برنامج الأغذية العالمي في لندن جريج بارو أنه "من الصعب تقدير الآثار الدقيقة للتعليق، لأن ظروف اللاجئين تتفاوت من بلد لأخرى".
وأوضح أنه "بما أن العديد من اللاجئين يعيشون خارج المخيمات، ستكون هناك فرص لهم للبحث عن العمل غير الرسمي، التي من شأنها أن تمكنهم من كسب المال لشراء الغذاء، في حين لايزال آخرون ممن يعيشون في مخيمات كبيرة مثل الزعتري والأزرق في الأردن يتلقون الحصص الغذائية".
وأردف "في كثير من الأحيان يقدم أفراد المجتمعات المحلية، وفي بعض الحالات، السلطات المحلية بعض المساعدة، ولكن برنامج الأغذية العالمي هو أكبر مقدم إلى حد بعيد للمساعدات الغذائية ولا توجد منظمة تضاهيه ولا بإمكانها تغطية الاحتياجات الغذائية لأكثر من 1.7 مليون شخص متضررون من هذا التعليق".
وأشار إلى أنه "مثل العديد من الوكالات الدولية الأخرى، على البرنامج التعامل مع خمسة طوارئ من المستوى الثالث في وقت واحد، في سورية والعراق وجنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى وبلدان غرب أفريقيا المحاصرة لتفشي الإيبولا".
واستطرد "على الرغم من المطالب المتنافسة، فلا يمكن لبرنامج الأغذية العالمي ببساطة أن يحول موارد مال مخصصة لأزمة إلى أخرى"، موضحًا أنَّ "ذلك لأنه يتم تخصيص العديد من التبرعات لبرامج محددة، ولا يمكن استخدامها في أي شئ آخر، وهناك نقص في مرونة نظام".
ولفت إلى أنه "تفاقم هذا الوضع جراء عدد كبير من حالات الطوارئ المعقدة التي نواجهها، فيكون هناك نقص في تمويل بعض البرامج، مثل هذا البرنامج الخاص باللاجئين."
ويأتي تعليق مخطط قسيمة الغذاء، بعد ما يقرب من ثلاثة أشهر من تحذير برنامج الأغذية العالمي، للمرة الأولى، من قرب نضوب الموارد المالية، وبعد أسابيع من إعلانه بأنه قد وصل إلى نقطة حرجة في جهوده لمساعدة اللاجئين السوريين، بسبب نقص التمويل بنسبة 89٪.
وأكّد برنامج الأغذية العالمي، عند تحديثه للموارد التشغيلية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أنه يحتاج للأشهر الستة المقبلة 412.6 مليون دولار، لدعم ما يقرب من 3 ملايين لاجئ سوري في الدول المجاورة.
وأضاف أنّه "من المحتمل أن تتسبب أي تخفيضات أو وقف للمساعدات التي يقدمها البرنامج في انعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع وتؤدي إلى المزيد من الحراك السكاني وزيادة مخاوف الحماية."
وحذر من أنه "من المتوقع أن يحدث الخلل الأول في خط الضخ الحساس لعملياتها السورية، في كانون الثاني/ يناير 2015"، مضيفًا "وبالنظر إلى الفترات الزمنية للسلع، فإن يجب تأمين موارد إضافية مع حلول تشرين الثاني، لضمان المشتريات ووصول إمدادات توزيعات كانون الثاني في الوقت المناسب".
وكشف برنامج الأغذية العالمي،على الرغم من إعلان الإثنين، أنه سيكون قادرًا على استئناف القسيمة الإلكترونية فورًا إذا توفر تمويل كانون الأول/ ديسمبر في الوقت المناسب.
يذكر أنه راح ضحية الحرب الأهلية السورية، التي اندلعت منذ ثلاثة أعوام ونصف العام أكثر من 200 ألف قتيل، وشرد أكثر 6.5 مليون شخص داخل البلاد، وأجبر أكثر من 3 ملايين سوري على طلب اللجوء خارج حدودها.
وأضطر برنامج الأغذية العالمي خفض الحصص الغذائية لنصف مليون لاجئ بسبب نقص في التمويل، ومعظمهم هؤلاء اللاجئين من الصومال وجنوب السودان، الذين يعيشون في مخيمات داداب وكاكوما في المناطق النائية شمال كينيا
أرسل تعليقك