اختتمت في بغداد أعمال المؤتمر الوطني للحوار بين الأديان والمذاهب الذي أقيم، اليوم السبت، بحضور عدد من الشخصيات الدينية والسياسية التي تمثل جميع اطياف الشعب العراقي.
وشدد رئيس الجمهورية العراقية فؤاد معصوم في كلمته على أنّه "ليس هناك ما هو أكثر ضرورة وأهمية من قبول الاختلاف والتنوع في المجتمعات لإدامة التقارب والتعايش سواء داخل المجتمع الواحد أو بين الأمم والبلدان".
ولفت الى أنّ "سبب التخلف الذي منيت به البشرية يعود إلى الحروب وعدم القدرة على تفهم الاختلاف والقبول به". وقال إنّ "المجتمعات دفعت أثمانًا باهظة جراء ذلك، بينما تقدمت الحضارة وتطورت ونهضت المدنية بإرادة السلام وبقبول التنوع وتسهيل فرص العيش المشترك والتفاهم العابر على الاختلافات".
وأشار الى " خطورة ظاهرة داعش " مؤكداً ،إنّ "واحدة من مخاطر جرائم داعش بوصفها النسخة الأكثر تشددًا وانغلاقًا في تاريخ التطرف المعاصر، تكمن في كم الكراهية التي يكنها المتطرفين للجميع مثلما تكمن في عدم ترددها بارتكاب أبشع الفظائع تعبيرًا عن هذه الكراهية ".
وتابع معصوم "لا مجال أمامنا ونحن نخوض غمار المواجهة مع داعش سوى الانتصار ودحر هذه الجماعة نهائيًا وتخليص المجتمع الإنساني بمختلف بلدانه وأديانه وقومياته من شرورها". وأشار إلى أنّه "نصر يؤكد مقاتلونا الأبطال كل يوم حقيقته وحقيقة اقترابهم منه".
وأكد الرئيس العراقي على أهمية " الإسراع في إنجاز المصالحة الوطنية على أسس تعزز التحول الديمقراطي ولا تتراجع عنه وتعمق وحدة النسيج الوطني وتمنع التطرف من النفاذ الى هذا النسيج أو الاقتراب منه ".
كما ركز على أهمية "توحيد المواقف والرؤى والتحركات في السياسة الخارجية لصالح عمل جدي ومسؤول يؤمن تفاهمًا ايجابيًا مع المحيط الاقليمي والدولي ويضمن التعايش على أسس المصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتحاشي سياسات الاستحواذ والمحاور".
من جهته دعا رئيس الوزراء حيدر العبادي في كلمته بالمؤتمر، جميع المذاهب والأديان في العراق الى "التعاون وتوحيد الكلمة للتصدي للتطرف الفكري الذي ينتهجه داعش ضد الشعب العراقي"، مؤكدًا "خطورة التطرف الفكري لداعش على تعايش الأديان وعلى التعايش السلمي بين المذاهب في العراق".
وبيّن أنَّ "التعدي على المقدسات لا يقل خطورة عن التجاوز على الأخر"، داعيًا إلى"إحترام المقدسات والأديان وعدم التعدي على مذهب أو دين" ومشيرًا إلى أنَّ "ما فعلته هذه المجموعة الشاذة والمنحرفة من قتل للصحفيين والاعتداء على الناس، هو لخلط الأوراق بين المذاهب ".
من جانبه، قال رئيس مجلس النواب سليم الجبوري في كلمته خلال المؤتمر، إنَّ "الوئام الذي ننشده اليوم يحتاج الى أرضية صلبة تتحقق في تفاهم الشركاء على تعريف الشراكة، فضلاً عن حاجته إلى وعي وثقافة جديدة للغة الحوار المبنية على أساس تفهم الأختلاف المشروع في الفروع ورفض التفرق المذموم على الأصول ".
واضاف إنّ" الإختلاف الذي يؤدي إلى تفرق كلمة الأمة وتنازع الطوائف ويلبسها شيعاً ويذيق بعضها بأس بعض، لا يمكن تبريره أو قبوله أو دعمه"، لافتًا إلى أنّه "ليس بالأمكان العبور على كل خلافاتنا، فالاختلاف سنة من سنن الحياة، وعاملاً أساسياً في بناء الحضارة وتقدم العلم، ولكنه في الوقت ذاته قد يكون ايضًا سببًا في النفور بين الناس ونشوب الصراع بينهم اذا تجاهلوا حسن تدبيره وإدارته ومعرفة عميق حكمته والهدف منه".
وأعاد الجبوري الى الأذهان مبادرة الحكيم، "أنبارنا الصامدة"، وقال إنّها "كانت حلاً مثالياً للخروج من الأزمة وتطويقها، مع إنّنا ربما لم نكن نمر بما مررنا به وواجهنا لاحقًا، إذ كانت تتضمن إنشاء قوات الدفاع الذاتي من عشائر الأنبار لتأمين الحدود الدولية والطرق الاستراتيجية في المحافظة ودمجها بتشكيلات الجيش العراقي على أن تكون قوات خاصة بالمحافظة وبقيادة أبنائها من القادة العسكريين".
واستطرد، "كان على الجميع أن ينصت رلى هذه المبادرة ويسعى إلى تحقيقها وتطبيقها، غير أن اللجوء إلى خلاف ذلك كلف العراق ثمناً باهظًا ودخل بسببه دوامة الإرتباك وخسر من جرائه الكثير من الأرواح والأموال والجهود"، معرباً عن اعتقاده بأن "الفرصة ما زالت قائمة لإعادة مبادرة الحكيم إلى خارطة الطريق من جديد من خلال مشروع المصالحة المتكامل الذي يترقبه الجميع في الفترة القريبة المقبلة والذي يعول القادة السياسيون عليه لتحقيق هذه المصالحة في أقرب فرصة ".
من جهته عبر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف عن استعداد الامم المتحدة " للمساعدة في بناء مؤسسات الدولة بغية تحقيق الوئام والتوافق الداخلي".
واكد أنَّ "العراق يمر بمنعطف خطير ما يتوجب على قادته السياسيين أن يتحدوا على القضايا الأمنية ومتطلبات المصالحة الوطنية ومكافحة الفقر، وأن يحافظوا على الدستور والقانون ، وإيجاد حلول طويلة الامد لمأساة النازحين ".
واوضح إنّ "هذا المؤتمر يرسل رسالة ايجابية الى الشعب العراقي، بضرورة إجراء الحوار والمصالحة والوئام"، لافتًا إلى أنّ "داعش قام في الفترة الماضية باستباحة القرى والبيوت وصادر الممتلكات واستعبد النساء وقام بالقتل، ويسعى لتدمير العراق وإقامة دولة التطرف والرعب فيه، من خلال إشاعة الفرقة والتقسيم ، وهذا يتنافى مع قيم وتعاليم الاسلام ".
أرسل تعليقك