القاهرة ـ العرب اليوم
شُيدت المدينة العمالية الأولى في العالم في مصر الفرعونية إبان عهد الملك أمنحتب الأول عام 1600 قبل الميلاد، كما كشفت دراسة صادرة عن مركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية، لمناسبة احتفالات العالم بعيد العمال. وتحمل المدينة العمالية اسم دير المدينة، ومنها خرجت أول نقابة عمالية في التاريخ.
وكانت دير المدينة مركز تدشين الإعلان الأول للائحة مطالب الحقوق العمالية ضد تعسف الحكام والمسؤولين، إذ عُقد على أرضها الاجتماع العمالي الأول خلال التخطيط لتسيير تظاهرات عمالية حاشدة ضد وزير العمال، المشرف على العمال في المدينة وكاتب الملك رمسيس الثاني، وفيها كُتب الهتاف الأول ضد الحكام، وفق الدراسة. "نقلا عن الحياة"
وكانت المدينة مسرحًا لاضطرابات عمالية ناتجة عن سوء إدارة الحاكم وتأخر صرف رواتب العمال من نجارين ونحاتين وبنّائين ونقاشين ورؤساء عمال من سكان المدينة حيث تعددت المشاهد الاحتجاجية، كما جاء في الدراسة التي أشرف عليها عالم المصريات فرنسيس أمين.
ووفرت آثار مقابر دير المدينة ونقوشها إلى جانب الآلاف من قطع الأوستراكا التي عثر عليها الباحثون وعلماء المصريات، معلومات وافية عن مجتمع العمال في مصر القديمة، وعن تفاصيل ما قاموا به في الفنون والعمارة والهندسة والبناء.
وروت الدراسة بعض يوميات عمال مصر القديمة من سكان دير المدينة، مثل ذلك العامل الذي تغيب عن العمل نظراً إلى مرض كلبه واضطراره لأخذه إلى الطبيب البيطري، والعامل الذي تغيب عن العمل بعدما عنّفته زوجته. كما أظهرت أن قائمة الإجازات بلغت 167 يومًا في العام، بهدف حضور الأعياد والاحتفالات الدينية والملكية والشعبية.
أما قائمة الأجور فكانت تنص على صرف 280 غرامًا من اللحوم أو الأسماك أو لحوم الدواجن، إضافة إلى راتب شهري من المعادن النفيسة، وكان يسمح للعمال بوقت يومي لأداء الصلوات، ويجاز لهم التغيب عن العمل مع استمرار صرف أجورهم في حالات المرض أو الحزن لوفاة أحد الأقارب.
وتقع مدينة دير في حضن جبل القرنة التاريخي غرب مدينة الأقصر الغنية بمعابد ومقابر ملوك وملكات في صعيد مصر. وبات ذلك الموقع وجهةً لسياح من كل العالم، ويضم مجموعة من المقابر المكتملة التي لم تتعرض للسرقة أو التلف. وقد نحتت تلك المقابر في الصخور وطليت جدرانها بالنقوش والألوان المفرحة، وأقيمت فوقها الأهرام المصغرة. ويرجع تاريخ المقابر إلى عهد الرعامسة.
أرسل تعليقك