القاهرة - العرب اليوم
تسبب الجرثومة الفطرية، وهي إحدى قريبات البكتيريا المسببة لمرض السل والجذام، أضراراً شديدة في رئتي الإنسان، وقد تعني الإصابة بها الوفاة المحققة، خصوصاً مع مقاومتها للعديد من المضادات الحيوية، ما يجعل علاج العدوى أمراً صعباً للغاية. ومع ذلك، هناك أمل يلوح في الأفق، حسب دراسة منشورة في عدد سبتمبر من دورية "آليات المرض ونماذجها". وتقول الدراسة إن العلماء من جامعة "مونبلييه" الفرنسية، بالتعاون مع جامعة "بيتسبرج" الأميركية، تمكنوا من استخدام نوع من العاثيات الفيروسية لإصابة تلك الجراثيم وقتلها بالتعاون مع المضادات الحيوية.
البكتيريا شأنها شأن باقي الكائنات الحية عرضة للإصابة بالفيروسات بشكل طبيعي، ولكل نوع من أنواع البكتيريا، هناك عاثية فريدة ستدمرها. ويختبر العلماء علاجات جديدة تجمع بين العاثيات والمضادات الحيوية التي نستخدمها حاليًا لعلاج العدوى المقاومة للمضادات الحيوية. ونجح الفريق البحثي في استخدام عاثية للتخلص من الجراثيم ومعالجة الالتهابات التي تسببها تلك الكائنات المقاومة للمضادات الحيوية.
وفي السابق، حدد فريق جامعة بيتسبرج عاثية واحدة من أصل 10000، تُعرف باسم "مودي"، تقتل بكفاءة البكتيريا في طبق بتري (وعاء صغير غير عميق يستعمله علماء الأحياء لاستنبات الخلايا)، ويمكن أن تكون مرشحة لعلاج هذه العدوى لدى البشر. وسعى الفريق إلى إيجاد بديل لاختبار علاجهم الجديد على مرضى التليف الكيسي البشري والمعرضين بشكل خاص لعدوى الخراج. وقرر الباحثون اختبار علاجهم الجديد على سمك الزرد الذي يحمل الطفرة الجينية الرئيسية التي تسبب التليف الكيسي لدى البشر، ويحاكي كيفية استجابة جهاز المناعة لدينا للعدوى البكتيرية. ثم حصل الفريق على عيّنات من نوع مقاوم للمضادات الحيوية من الجرثومة الفطرية قادمة من مريض مصاب بالتليف الكيسي لإصابة سمكة الزرد بالتليف الكيسي واختبار العلاج الجديد.
ووفقاً للدراسة، احتاج الفريق البحثي في البداية لمعرفة كيفية تفاعل أسماك الزرد مع التليف الكيسي (عدوى الجرثومة الفطرية)، وبعد مراقبة الأسماك لمدة 12 يوماً، وجدوا أنها أصيبت بعدوى خطيرة وظهرت في رئتيها مجموعة من الخراجات، وعانت من ارتفاع معدل الوفيات، إذ نجا 20% فقط من الأسماك. وفي المرحلة التالية، اختبر الفريق مدى احتمالية تعافي الأسماك المصابة عند حقنها بــ"مودي"، العاثية المضادة للبكتيريا، على مدى 5 أيام.
هذه المرة، أصيبت الأسماك بعدوى أقل حدة، وزادت فرص البقاء على قيد الحياة بنسبة 40%، وكان لديها عدد أقل من الخراجات التي عانت منها الأسماك أثناء العدوى الشديدة. بحث مؤلفو الدراسة عن مضاد حيوي لقرنه بالعاثية "مودي"، ووجدوا أن المضاد الحيوي من عائلة "ريفابوتين" يمكن أن يعالج عدوى الجرثومة الفطرية بشكل فعّال مثل العاثية وحدها. وبعد تحديد المضاد الحيوي، عالج الباحثون الأسماك المصابة لمدة 5 أيام بالمضاد الحيوي والعاثية. ومع استخدام العلاج المركب، انخفضت حدة العدوى لدى الأسماك، وارتفع معدل بقائها إلى 70% وعانت من عدد أقل بكثير من الخراجات.
وبحسب الدراسة، فإن النتائج تؤكد وجود تحسّن كبير مقارنة بالأسماك المعالجة بالمضاد الحيوي فقط، والتي كان معدل بقائها على قيد الحياة 40%. وبعد إثبات أنه من الممكن علاج عدوى مقاومة للمضادات الحيوية في أسماك الزرد الضعيفة باستخدام عاثيات مستهدفة بشكل خاص، يأمل المؤلفون إمكانية نقل هذا العلاج في النهاية إلى العيادات البشرية لبدء إنقاذ المرضى.
قد يهمك ايضا
دراسة توضح المضادات الحيوية قد تساعد في علاج سرطان الجلد
دراسة تكشف تأثيرا سلبيا للإستخدام طويل الأمد للمضادات الحيوية
أرسل تعليقك