تعدّ القصة الغرامية التي عاشها الطبيب ذو الأصول الألمانية، كارل تانزلر، أتعس علاقة غرامية شهدها القرن العشرين، فعلى إثر وفاة عشيقته عاش الأخير على وقع حالة اكتئاب شديدة قادته نحو استخراج جثة حبيبته من القبر والعيش مع بقاياها 7 سنوات متتالية.
فخلال فترة الحرب العالمية الأولى، وبناء على تصريحاته، عمل الطبيب المختص في مجال الأشعة، كارل تانزلر، على متن إحدى الغواصات الألمانية وعقب نهاية الحرب وهزيمة ألمانيا تزوج الأخير وهو في عمر الثالثة والأربعين، وجاء ذلك قبل أن يقدم هذا الطبيب على الهجرة نحو الولايات المتحدة الأميركية رفقة عائلته.
وبعد فترة وجيزة من تحوله نحو الولايات المتحدة الأميركية انفصل كارل تانزلر عن زوجته التي رزق منها بطفلين، وتزامناً مع ذلك غير الأخير اسمه ليلقب منتصف عشرينيات القرن الماضي بكارل فان كوزل.
عقب هجرته إلى الولايات المتحدة الأميركية، عين الطبيب كارل للعمل في مستشفى منطقة كي واست بولاية فلوريدا، حيث أعلن لزملائه أنه يحبذ حياة الوحدة والمستشفى على الحياة الزوجية.
لم يكن الطبيب كارل تانزلر واثقاً مما يقوله، فيوم الثاني والعشرين من شهر أبريل/نيسان سنة 1930 التقى بشابة تدعى ماريا إيلينا ميلغرو، وقد مهد هذا اللقاء الأول لعلاقة غرامية رائعة كانت نهايتها تراجيديا مأسوية. فخلال تلك الفترة كانت الشابة ذات الأصول الكوبية ماريا إيلينا ميلغرو مريضة مقيمة بمستشفى كي واست حيث عانت من مرض السل، وبناء على تقارير الأطباء كانت حالة ماريا إيلينا مستعصية، فضلاً عن ذلك أكّد المختصون أنها لن تعيش طويلاً.
وأمام هذه الوضعية السيئة، رفض الطبيب الألماني كارل تانزلر جميع التقارير الطبية مؤمناً بإمكانية حدوث المعجزة، فما كان منه إلا أن سهر الليالي بجوار عشيقته مانحاً إياها جميع الأدوية الممكنة، وعلى الرغم من كل هذه التضحيات، لم تتمكن ماريا إيلينا ميلغرو من النجاة حيث فارقت الحياة يوم 25 من شهر أكتوبر/تشرين الأول سنة 1931 عن عمر يناهز 21 سنة.
وعقب وفاة ماريا إيلينا، أصيب الطبيب كارل بصدمة جعلت منه إنساناً كئيباً، وعلى إثر ذلك اتجه نحو أفراد عائلة عشيقته عارضاً عليهم تحنيط جثة ابنتهم وبناء ضريح لها على نفقته الخاصة، وبعد إصرار شديد منه وافق والد ماريا إيلينا على ذلك.
وما بين سنة 1931 وسنة 1933 اعتاد كارل زيارة ضريح عشيقته بشكل يومي، لكن مع حلول سنة 1933 انقطعت زياراته بشكل مفاجئ. وفي غضون ذلك نقل أحد بائعي الهدايا سنة 1940 قصة غريبة حول كارل، مؤكداً أن الطبيب ذا الأصول الألمانية قد اعتاد منذ سنوات شراء بعض العطور والهدايا من متجره بشكل يومي.
وبناء على هذه المعلومات انتشرت إشاعة حول إمكانية مواعدة الطبيب الألماني لامرأة جديدة، في غضون ذلك وأمام تزايد الإشاعات قررت شقيقة ماريا إيلينا ميلغرو زيارة الطبيب كارل تانزلر بشقته للاطمئنان عليه.
وخلال شهر أكتوبر/تشرين الأول سنة 1940 وحال دخولها لشقة كارل تانزلر، ذُهلت الفتاة من هول ما رأت، حيث شاهدت الأخيرة جثة شقيقتها المتوفاة منذ سنة 1931 شبه محنطة داخل إحدى الغرف فما كان منها إلا أن هرولت مسرعة لإعلام السلطات الأمنية.
وعلى حسب الأبحاث التي أجريت خلال تلك الفترة نقلت الشرطة الأميركية مأساة حقيقية عاش على وقعها كارل تانزلر لمدة 7 سنوات، فعلى إثر وفاة عشيقته لم يتحمل الأخير الفراق فما كان منه إلا أن نبش قبرها واستخرج بقايا جثتها شبه المحنطة لينقلها إلى منزله. ولم يتردد الطبيب كارل تانزلر في تشميع جلد عشيقته بعد أن أقدم على ملء جثتها بالقماش ووضع عينين اصطناعيتين في فتحات عينيها وتزويدها بشعر مستعار، كما أقدم الأخير على تثبيت عظامها باستخدام الأسلاك ومن أجل العلاقات الجنسية.
وخلال فترة التحقيق، أثارت تصريحات كارل تانزلر حزن الجميع حيث عبّر الأخير عن حبه الشديد لماريا إيلينا، مطالباً بأن يسمح له باستعادة الجثة والعودة إلى منزله. في غضون ذلك ومع نهاية عملية التحقيق تم إطلاق سراح كارل تانزلر دون محاكمة ويعزى السبب في ذلك إلى ما يعرف بقوانين التقادم المسقط، والتي أقرت بانقضاء الفترة الزمنية المحددة لرفع قضية ضد المذنب، حيث يعود تاريخ تدنيس الجثة إلى حدود سنة 1933، على إثر ذلك أقدمت السلطات الأميركية على عرض جثة ماريا إيلينا ميلغرو على العموم في أروقة المتحف، وجاء ذلك قبل أن يتم دفنها بمكان مجهول داخل مقبرة المنطقة.
وعلى الرغم من كل ما جرى لم يتوقف عشق الطبيب كارل تانزلر لحبيبته فعلى إثر رحيله من منطقة كي واست واستقراره بمقاطعة باسكو بولاية فلوريدا، فقد أقدم على ترويج بطاقات بريدية تحمل صورة عشيقته، إضافة إلى أنه حصل على دمية بلاستيكية ألبسها بعضاً من ثياب ماريا إيلينا ميلغرو وعاملها كحبيبته.
أرسل تعليقك