حمى التعري تلوث حق المطالبة بحرية المرأة
آخر تحديث GMT18:03:10
 العرب اليوم -

حمى التعري تلوث حق المطالبة بحرية المرأة

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - حمى التعري تلوث حق المطالبة بحرية المرأة

القاهرة ـ أ.ش.أ

فيما تتوالى الأنباء عن وقائع التعري في دول عربية بمسميات ولافتات احتجاجية بدا ان "العدوى تنتشر" وكأن الاحتجاج لايكون الا بالتعري!. وفي الأونة الأخيرة بدا ان هناك نوعا من الالحاح على نشر ثقافة التعري في دول عربية ومسلمة بصورة تدعو لكثير من التساؤل بقدر ماتعكس الحاجة لاضاءة ثقافية والتأكيد على حقائق حضارية. فقد نشطت منظمات وحركات غربية لما يسمى "بالنساء المتعريات" مثل "حركة فيمن" في العالم العربي لتأسيس أفرع عربية لهذه الحركات و"التضامن بتعرية الأجساد" مع فتيات عربيات قمن بتعرية انفسهن في سلوك مرفوض وممجوج ولاينتمي بأي حال للثقافة العربية . وينطوى هذا السلوك المرفوض على نوع من التقليد الأعمى ثقافيا وحضاريا لممارسات قد تكون وليدة ظروف مغايرة في الغرب وجديد ثقافة التعري هناك وبما يعبر عن هيمنة اليات السوق والسعي لتسليع المرأة او التستر وراء شعارات جذابة مثل "الجمال الطبيعي" مثلما حدث مؤخرا عندما تعرت عارضة الأزياء الروسية ايرينا شايك صديقة لاعب الكرة البرتغالي الشهير كريستيانو رونالدو بزعم ان صورها العارية ستستخدم لدعم مشروع اجتماعي غير هادف للربح!. واذا كان من الصحيح لحد كبير مايذهب اليه البعض من ان قضايا المرأة لاتختلف عن قضايا الرجل في مجتمع مثل المجتمع المصري فمن الطريف ان تتحقق صحة المقولة على نحو قد يبعث على السخرية فيما يتعلق بثقافة التعري!. فهاهم بعض الشباب من النشطاء سياسيا يتظاهرون مؤخرا "بالملابس الداخلية" وسط حالة من الاستهجان والاستنكار العام لهذا التصرف سواء على مستوى الشارع المصري او وسائل الاعلام فيما حق للبعض القول بأن هذا السلوك يفقد اي قضية مغزاها ناهيك عن التأييد الشعبي لها!. وبصرف النظر عن مغزى اهتمام صحيفة غربية في حجم "الأوبزرفر" البريطانية بكتاب "الجنس والقلعة" لشيرين الفقي والترويج للكتاب باعتباره "استكشافا متبصرا ويبعث على التفاؤل للسياسات الجنسية في العالم العربي" فان قضايا المرأة المصرية والعربية اكبر بكثير من مجرد اختزالها في قضايا الجسد والمخادع كما ان لهذه المرأة تاريخها الوضيء في القضايا الكبيرة للوطن جنبا الى جنب مع الرجال. وصحف مطلع ثلاثينيات القرن العشرين حافلة بأخبار مظاهرات النساء المصريات احتجاجا على الغاء دستور 1923 فيما يرددن الهتافات ضد اسماعيل صدقي رئيس الحكومة الموالية للسراي وقبل ذلك كان دور المرأة في ثورة 1919 مشهودا . بل ان ظاهرة "المرأة المعيلة" اي القائمة بتلبية متطلبات المعيشة لأفراد عائلتها تتصاعد الآن في مصر وعلى نحو يشير بأصبع الاتهام لكسل الرجال واستسلام البعض منهم لراحة ثرثرة المقاهي!. ويقول الكاتب والباحث المرموق وحيد عبد المجيد ان "النساء المعيلات في مصر في ازدياد وتقوم كل منهن بما يعجز عنه اى رجل لأنها تعمل اما وابا في الوقت نفسه واحيانا في وجود زوج لايستحق حتى وصف ضل حيطة"!. واعتبر الدكتور وحيد عبد المجيد الهجوم على الوثيقة الختامية للدورة ال57 للجنة المرأة بالأمم المتحدة بشأن العنف ضد المرأة "حلقة في هجمة شرسة ضد المرأة المصرية وحقوقها الأساسية" فيما ذهب الى ان هذه الهجمة تستهدف مستقبل مصر اكثر مما تستهدف "اعادة المرأة الى عصر الحرملك". واعربت الكاتبة سكينة فؤاد عن شعور بالقلق حيال "ماكشفت عنه مجموعة من الدراسات والاستقصاءات الحديثة عن تراجع اوضاع المرأة المصرية الى الأسوأ بعد ثورة يناير " مضيفة ان "عام 2012 شهد علاوة على تزايد فقر المرأة واحساسها تماما بافتقاد الآمان المادي وعدم توافر فرص العمل استمرار العنف ضدها من عنف منزلي وتحرش وتزويج الصغيرات". واذا كانت بعض الكاتبات في مصر والعالم العربي تسلطت عليهن "عقدة سيمون دي بوفوار" والرغبة في نيل شهرة هذه الفيلسوفة والكاتبة الفرنسية عبر محاكاة بليدة وخارج السياق الثقافي والحضاري العربي لكتابها الشهير "الجنس الثاني" الذي صدر في مطلع خمسينيات القرن العشرين بأفكاره واتجاهاته التي توصف بالتحرر النسائي والسعي لتحرير المرأة بامتناعها عن التقيد بعلاقات مفروضة عليها مع الرجل فان هذه الأفكار والاتجاهات تخص الثقافة الفرنسية والغربية ولاتخص الثقافة المصرية والعربية كما ان الاسلام حرر المرأة من "العلاقات المفروضة". ولعل مايحدث الآن على صعيد قضايا المرأة المصرية والعربية يعبر ضمن تجلياته عن السؤال المركزي والرئيس :"هل هذا العالم ثقافة واحدة وحضارة واحدة ام عدة ثقافات وحضارات"؟ وعلى الذين يتحمسون لمقولة الثقافة الواحدة والحضارة العالمية الواحدة الا ينسوا او يتناسوا ان ذلك يعني في الواقع تحول ثقافتنا وحضارتنا الى مجرد تابع للمركز الثقافي-الحضاري الغربي. فنحن نرحب بالتعايش والتفاعل والتشارك من موقع الندية وعلى قدم المساواة في الميراث الثقافي الانساني وفي تقنيات وتطبيقات المعارف مع احتفاظ كل حضارة ببصمتها الثقافية وخصوصيتها في الدين والقيم والأخلاق والعادات والتقاليد والأعراف وفلسفة الرؤية للكون والوجود كما يقول المفكر المصري محمد عمارة. وبالقدر ذاته لابد وان نرفض الهيمنة والقهر الحضاري الذي يمسخ فيه القوي بالمعنى المادي خصوصية وهوية الضعيف او المستضعف ساعيا لاحتلال عقله ووجدانه للأبد. وقالت الكاتبة سكينة فؤاد:"لاتوجد امرأة مصرية تقبل اي وثيقة تتناقض مع مباديء وقيم وحضارة دينها وبلدها " منوهة بأنه لو وجد في وثيقة الأمم المتحدة للمرأة مواد تتعارض مع ذلك فسنأخذ فقط مايتوافق مع قيم ومباديء المرأة المصرية. ولفتت سكينة فؤاد الى ان "هذا ماوجدته في موقف المجلس القومي للمرأة ورئيسته السفيرة المحترمة ميرفت التلاوي" فيما شددت على ان "قيم المرأة المصرية التي حفظتها وحافظت عليها عبر تاريخها الطويل والعميق وايمانيتها وتكوينها حائط صد صلبا لاتستطيه ان تتعداه او تعتدي عليه او تخترقه اي وثيقة ولو كان بها شطط". ويقتضي الانصاف والموضوعية التأكيد على ان اصواتا ثقافية مسموعة ومرموقة في الغرب ترفض بشدة ثقافة التعري وهاهو القاص البريطاني جوليان بارنز صاحب جائزة بوكر يقول ان العنصر التجاري او اليات السوق وراء تلك النزعة من التوسع في الكتابة الحسية وتناول العلاقات الحميمة بتفاصيل مثيرة لتلبية مطالب قراء جائعين هم جمهور ثقافة التعري . وكانت ثلاثية "خمسون لونا" للكاتبة البريطانية اريكا يونج والتي تكتب بالاسم المستعار "ايه.ال.جيمس" قد تصدرت قوائم افضل مبيعات الكتب لأسابيع طويلة خلال العام الماضي واثارت جدلا حول مايسمى "بالكتابة الايروتيكية" ورفض العديد من النقاد الكبار في الغرب لهذا النوع من الكتابة التي قد يتحمس لها انصار ثقافة التعري في العالم العربي!. وقد يكون لهذا النوع من الثقافة علاقة بما تحدثت عنه تقارير صحفية من ان بعض المواقع الانترنتية الصينية ذات الصبغة الرسمية والموجهة خصيصا للعالم العربي تعرض صورا اباحية بهدف زيادة عدد زوار هذه المواقع وهي صور تتضمن كواليس مهنة العارضات العاريات مع العديد من العناوين الصارخة الابتذال!. والمسألة لها مغزاها الهام لأن الصين لاتسمح الصين ابدا بعرض مثل هذه المواد الاباحية في المواقع الآخرى على الشبكة العنكبوتية "حفاظا على القيم الاجتماعية والثقافية للشعب الصيني في مواجهة المواقع الاباحية وتغول العولمة والتلوث الثقافي" على حد تعبير الحزب الشيوعي الحاكم في بكين!. لماذا اذن تحظى "لغة الضاد" وحدها بهذه الصور الاباحية على موقع مثل "شبكة الصين" يقدم خدماته بعشر لغات وآلا يوجد في هذا العالم كله من لاتستهويهم هذه النوعية من الصور سوى العرب؟!..ام ان الأمر يدخل "في باب القصف الحسي للعرب"؟!. والتعري الانساني من اي نبل او حتى اي قيم دينية قد يتجلى في حادث الاغتصاب الذي تعرضت له مؤخرا فتاتان مسلمتان من اصل باكستاني وتحملان الجنسية البريطانية في مدينة بنغازي وهما في طريقهما مع والدهما الى قطاع غزة للتضامن مع الفلسطينيين من ابناء القطاع. من هنا اعرب معلقون في صحف ووسائل اعلام عربية عن الشعور بالعار حيال جريمة الاغتصاب في وضح النهار لفتاتين مسلمتين "تركتا بيتهما وكل شيء اخر وعرضتا حياتهما للخطر من اجل خدمة قضية اسلامية انسانية والتضامن مع اشقاء مسلمين محاصرين". "هل هناك ماهو انبل من ذلك وهل هذه هي المكافأة"؟ كما تسائل عبد الباري عطوان رئيس تحرير جريدة القدس العربي فيما شهدت تونس ايضا مظاهرات غاضبة احتجاجا على توالي جرائم الاغتصاب في الآونة الأخيرة ومن بينها جريمة بشعة تعرضت لها طفلة صغيرة مازالت في الثالثة من عمرها!. بالفعل تلك جرائم تثير الشعور بالعار والخوف على الأطفال العرب في الوقت الذي تشيد فيه الدوائر الثقافية الغربية بالموهبة الروائية للطفلة الفلسطينية صالحة حمدين بعد فوزها بجائزة هانز كريستيان أندرسن العالمية عن قصتها "حنتوش" فيما حرمت الطفلة ابنة ال14 عاما من والدها الأسير في السجون الاسرائيلية. وتؤكد الكاتبة سكينة فؤاد على الحقيقة المتمثلة في ان الاسلام يرفض اي شكل من اشكال العنف ضد المرأة او التحرش بها كما انه لايناهض تعليمها او يسمح باغراقها في العجز والفشل والفقر والعوز معيدة للأذهان ان النساء المصريات مثلن نقطة ارتكاز اساسية في ثورة 25 يناير الشعبية "وكن دائما اخطر واقوى اعمدة الدولة المصرية". ومن هنا تدين سكينة فؤاد ماتصفه "بتزايد محاولات اقصاء المرأة وتهميش دورها ومكانتها ورؤى متخلفة عن صحيح الدين والمنزلة التي انزلها لها". ان مصر التي انجبت رجالا مثل سعد زغلول الذي سعى الزعيم الهندي غاندي للتعلم منه ونساء مستعدات للشهادة من اجل الوطن كبيرة برجالها وبنسائها ..كما ان الحقيقة التاريخية اشد كثافة واكثر دهاء وتركيبا من اختزال سطحي لقضايا المرأة في مجرد جسد !. هذا اختزال يشوه الواقع ويفرغ الحركة من معناها بقدر مايشوه نضال المرأة ودورها وياله من دور جليل كما تكشف عنه ايقاعات التاريخ في حركة عامة من اجل الحرية وبأسلوب مصري خالص..فمصر الكبيرة تقول دوما :"نعم لحرية المرأة اما ثقافة التعري فمرفوضة".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حمى التعري تلوث حق المطالبة بحرية المرأة حمى التعري تلوث حق المطالبة بحرية المرأة



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة
 العرب اليوم - فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

GMT 15:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تدعم لبنان وحزب الله في محادثات وقف إطلاق النار
 العرب اليوم - إيران تدعم لبنان وحزب الله في محادثات وقف إطلاق النار

GMT 22:43 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
 العرب اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:26 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يُرهن ضم مرموش في انتقالات يناير بشرط وحيد

GMT 11:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع أرباح "أدنوك للإمداد" الفصلية 18% إلى 175 مليون دولار

GMT 13:23 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab