القاهرة وتوحش المدينة 24
آخر تحديث GMT11:23:34
 العرب اليوم -

القاهرة وتوحش المدينة (2-4)

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - القاهرة وتوحش المدينة (2-4)

عمار علي حسن

وليس كل أحياء المدينة الواحدة سواء، فنحن نتحدث دوماً عن «قلب المدينة» أو المضغة الأساسية التى نما منها كل هذا الجسد الأسمنتى المترهل ونسميه «Down Town»، ومنه يبدأ الحكماء والفاهمون رحلاتهم لاكتشاف معالم أى مدينة يحلون بها، فيقولون لمن يدفعونهم إلى الفنادق الفارهة والمخادع الناعمة: «نريد أن نرى القلب». ونتحدث أيضاً عن الأحياء الجديدة التى تنمو باستمرار، ويصيب بعضها ما قبله بالقدم، ونفرق بين ما نطلق عليها «أحياء شعبية» يسكنها بسطاء الناس ممن ينتمون إلى الشريحة العليا والمتوسطة فى الطبقة الدنيا والشريحة الدنيا فى الطبقة الوسطى، وما نسميها «أحياء راقية» والتى يقطنها علية القوم، والشريحة العليا من الطبقة الوسطى. وهى تتفاوت فى إمكاناتها بين عمارات تحوى شققاً موزعة على أسر عديدة، وبين بيوت وحيدة فخيمة تقطنها أسرة واحدة أو عائلة نطلق عليها «فيللا». والصنف الأخير من الأحياء هناك قديمه الذى يحتفظ بعراقته ووضعه الاجتماعى رغم تقادم عمره، وهناك الجديد الذى تنشئه الطبقات الثرية وتقيم حوله الأسوار التى تحميه من أيدى الطامعين من اللصوص والجائعين والمنتقمين والمشردين. وفى الوقت الذى قد ينيخ الدهر فيه على سكان الشطر الأول فتتراجع مكانتهم الاجتماعية وثرواتهم ولا يحتفظون من إمكانياتهم القديمة إلا برائحتها أو ذكرياتها التى يستحضرونها، إما راغبين فى إثبات تميزهم، أو من باب المباهاة بأنهم كان لهم مجد ومكانة قد راحت، أو لإخفاء عوراتهم الراهنة التى راكمها الزمن. وهناك من هذا الصنف ما يفقد خصوصيته ورونقه بمرور الزمن، ولا يعطى سكانه حتى فرصة الحديث عن ماضيهم التليد، أو مكانة حيهم التى تراجعت مع تعاقب الأجيال، حيث تكلح البنايات وتتصدع، ويزيد السكان على الحجرات، ويضغطون تحت أقدامهم اللاهثة بقايا الجمال النائم منذ زمن طويل، فيغيب تباعاً، ويزحف إلى الشوارع الباعة الجائلون، والعربات الصغيرة الهائمة. وهناك أيضاً الأحياء العشوائية، وهى الضيف الجديد الثقيل على المدينة، الذى أتى إليها مع هجرات القرويين الساعين وراء ما يقيم أودهم، أو الهاربين من الفقر والجوع والمرض والإهمال المزمن، فبعض الآتين منهم إلى المدينة لا يعودون، إنما يبقون هنا باحثين عن مأوى، ولا يجدونه إلا فى الزوائد الدودية المشرفة على التعفن، التى تطال جوانب المدينة، أو تسلل إلى داخلها فى بعض المواضع، كبيوت متداعية، أو علب أسمنتية مبعثرة، أو عشش وأكواخ من الصفيح، يهزها الريح. بل وصل تضخم هذه الحالة إلى درجة أننا نجد علماء الاجتماع قد خصصوا لها مصطلحاً فريداً هو «مدن العشش» Shanty Towns، وهى منتشرة فى دول العالم الثالث بكثافة، ولا يخلو منها العالم الأول أيضاً. ومن سمات هذا النوع من المساكن شغل الأرض بطريقة غير قانونية، عبر وضع اليد أو التجبر، والتجمع فى البقع الاقتصادية ذات القيمة الاقتصادية المتدنية نسبياً، حيث يقوم من وضعوا أقدامهم فيها، أو أياديهم عليها، ببناء بيوت لهم بلا تراخيص قانونية، ودون التقيد بشروط العمران التى حددتها الدولة، ولذا تعانى هذه المبانى من نقص المرافق والخدمات. وقد تمتد لها يد أهل الحكم والإدارة فيما بعد محاولة أن تنظم المبعثر منها، وتوفر الخدمات مثل المياه العذبة والصرف الصحى والكهرباء وتعبيد الشوارع المتعرجة وتشجيرها، وكذلك مكافحة الجرائم الساكنة فيها. (ونكمل غداً إن شاء الله تعالى)

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القاهرة وتوحش المدينة 24 القاهرة وتوحش المدينة 24



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab