الأسد باقٍ والطغاة زائلون

الأسد باقٍ والطغاة زائلون!

الأسد باقٍ والطغاة زائلون!

 العرب اليوم -

الأسد باقٍ والطغاة زائلون

علي الرز

في لقاءٍ جَمَعَهُ بأهالي جوبر أول أيام الثورة السورية، قال بشار الأسد رداً على سؤالٍ عن عدم محاسبة العميد عاطف نجيب (ابن خالته) الذي سَحَبَ أظافر أطفال درعا مرتكبي جرم الكتابة على جدارِ مدرسةٍ، إن سورية دولة مؤسسات، والسلطة لا تتدخّل في عمل القضاء، وطالما ان أحداً ممن سُحبت أظافره لم يتقدّم بشكوى ضدّه، فكيف يمكن للقضاء اتخاذ إجراءٍ بحقه؟

وفي لقاءٍ قبل أيام جمعه بوسائل إعلام فرنسية، قال بشار إن كل شيء مطروح للنقاش في مفاوضات الآستانة إلا مصيره لانه منتخَب شعبياً ودستورياً وقانونياً... بشار باقٍ لأن سورية في عهده هي دولة مؤسسات ونظام ديموقراطي، وسورية في زمن الثورة دولة فوضى وديكتاتورية تَجْنَحُ الى الطغيان في مواجهة الحريات والتحضّر.

الطفل حمزة الخطيب مثلاً، ابن الأعوام الـ 13 الذي استهوتْه حركة أطفال درعا وتَضامَن معهم على طريقته هاتفاً في بداية الثورة لإصلاح النظام ومطالباً بمزيد من الحريات (هكذا كان سقف المَطالِب)، كان بمنطقِ النظام وحلفائه مشروع ثائرٍ قد يكبر و«يطغى» عليه الجنوح في رفْض تَسلُّم حافظ بشار الأسد مثلاً السلطة خلفاً لوالده، وهذا الطغيان مرفوضٌ في عقيدة السيد والعبد، ومالك المزرعة ومُزارعيها، ولذلك أُقصي بأبشع الطرق وأعيد الى أهله جثة بلا أعضاء. أكد النظام فعلته ولم ينفها، كي يتّعظ الأطفال «الطغاة» مما حصل ويعرفوا مصيرهم طالما ان العالم الحرّ يدعم الديموقراطيين في كل ممارساتهم ضد الطغاة.

كذلك الأمر بالنسبة الى غياث مطر، فهذا الشاب رفض استجداء السلطة للمتظاهرين بحمْل السلاح في الأشهر الأولى من الثورة (راجِعوا تصريحات فاروق الشرع) وأصرّ على حمْل الورود والمياه وتوزيعها على الجنود. «طغى» جنوح غياث الى السلمية على أدائه وأعطى صورة مغايرة تماماً عن النظام، فووجه بالقتل والتشويه وسرقة الأعضاء. هنا النظام لا يرحم الطغاة ويحصد باضطراره الى إزالتهم تصفيق العالم الحرّ... الديموقراطي.

ابراهيم القاشوش «طغتْ» روحه الفنية الساخرة على قدراته التعبيرية، فأَنشد داعياً الرئيس الى الرحيل. وهو في عُرف الأسد طغيانٌ ما بعده طغيان، والتاريخ لا يرحم المستكين للطغاة. ولذلك أمَرَ بقطْع حنجرته ورميه في نهر العاصي كي يجرف معه العظة والدروس الى كل عاصٍ في القرى المجاورة. ولم يخرج صوتٌ أجنبي يستنكر إلا المذيعة باربرا وولترز التي سألتْ بشار عنه، فكان ردّه مفحماً كالعادة: لا أعرفه، إنه شخص غير مشهور.

لكن المعارض الكردي البارز مشعل تمو كان مشهوراً ومحبوباً من كل السوريين لانه رفض مبكراً لعبة النظام بتفكيك المناطق والتكتلات واللعب على الغرائز العصبية والقومية وأطلق شعاره «يداً بيد لنتحرّر من السجن الكبير». هو أيضاً «طغتْ» روحه الوحْدوية الوطنية على الشعارات التافهة التي أطلقها متحمّسون بسطاء او منتقمون او مندسّو النظام، فكان لا بدّ من إزالة طغيانه لمصلحة التفكك واللعب بورقة القوميات... والغرب الديموقراطي يصمتْ كي لا يلبس القميص الكردي الموزَّع بين الجغرافيا والمصالح.

أما أمّ الكبائر فكانت انشقاق حسين هرموش من الجيش رافضاً قتْل السوريين المتظاهرين سلمياً. «طغى» الشعور الوطني الإنساني لدى الرجل على خوفه من المؤسسة التي كانت مَصْنَع الخوف. خرجَ عارفاً انه اشترى الآخرة وباع الدنيا الغارقة في قذارةِ صاحب المَصْنَع وشركائه. سلّمه الأمن التركي الى النظام بعدما كان الأخير سحَقَ العشرات من أفراد أسرته الذين مارسوا فعل الطغيان اللا إرادي كونهم أهله وأقرباءه.

توسّعتْ خريطة الطغاة بعد ذلك. الصمت على حمزة وغياث وابراهيم ومشعل وحسين وغيرهم الكثير، أَنْجَبَ مجازر الغوطة وكرم الزيتون وداريا ودوما والحولة والقبير وبابا عمرو وبانياس والبيضا وحماة وحلب وتفتناز وبنش ومعرة النعمان... أما «الطغاة» الناجون من ديموقراطية الأسد، فأكملتْ بحور الهلاك وحيتانها مهمّة التخلّص منهم.

أَنْجَبَتْ حرب الأسد وحلفائه على «الطغاة» ايضاً أبناء غير شرعيين للثورة السورية، وقد يكشف انجلاء غبار الموت لاحقاً عن الحبل السري الرابط للتنظيمات المتطرّفة والمرتبط بهم. عن الرحم الذي تكوّنوا فيه. عن ظلمات السجون التي أُخرجوا منها والتسهيلات الشرعية التي مُنحت لهم لاستقطاب الآلاف الذين أكملوا المهمّة وطهّروا المناطق المحررة ممّن بقي من «الطغاة».

اختفتْ أسماء المدن والمناطق وتَقدّمتْ أسماء المجازر. رسَمَ الأسد وحلفاؤه سورية أخرى بمدنٍ وقرى أخرى وسكان آخرين حتى تَجاوز عدد «الطغاة» الذين سقطوا المليون بين قتيلٍ وجريح، والذين هاجروا خمسة ملايين، والعالم الحرّ يريد ان يتدخّل لكن بعض دوله تفضّل فعْل ذلك العام 2021 موعد انتهاء فترة رئاسة الأسد «المنتخَب دستورياً»، وبعضه الآخر ما زال حتى الآن ينتظر طفلاً من درعا سُحبت أظافره كي يتقدّم ويرفع دعوى قضائية ضدّ عاطف نجيب... حتى تأخذ العدالة في دولة القانون والمؤسسات مجراها.

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأسد باقٍ والطغاة زائلون الأسد باقٍ والطغاة زائلون



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:17 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش السوداني يعلن تحرير مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار
 العرب اليوم - الجيش السوداني يعلن تحرير مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 العرب اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab