المقاومة أم الإرهاب أهمية الجرعة

المقاومة أم الإرهاب: أهمية الجرعة

المقاومة أم الإرهاب: أهمية الجرعة

 العرب اليوم -

المقاومة أم الإرهاب أهمية الجرعة

بقلم : أمير طاهري

 

تخصص مكتبتاي المفضلتان في باريس ولندن هذه الأيام رفاً كاملاً للكتب التي تدور حول أو مستوحاة من عملية «طوفان الأقصى» التي شنتها «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل.

يقدم بعض هذه الكتب روايات مختلفة لما حدث في ذلك اليوم، ويمكن تصنيفها أنها تقارير موسَّعة من النوع الذي قدمته المجلات الإخبارية في الأيام الخوالي للصحافة المطبوعة. الأكثر إثارة للاهتمام من بين هذه الكتب هو كتاب بعنوان «السبت الأسود» لتراي ينغست، الذي يوسِّع نطاقه ليقدم صورة للحرب اللاحقة في غزة.

يبدأ كتاب «حرب السابع من أكتوبر- تشرين الأول» لسيث جيه فرانزمان، أيضاً كتقرير مطول، ولكنه سرعان ما يتطور إلى دراسة إكلينيكية للأسباب العميقة وراء الانفجار القاتل للغضب والكراهية. يحاول فرانزمان وضع الحدث في السياق الجيوسياسي الأوسع للصراع على مستقبل الشرق الأوسط الذي استمر منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى.

كانت المحاولة الأولى لفرض شكلٍ على المنطقة من بريطانيا العظمى وفرنسا، إذ حاول البريطانيون تشكيل شبكة من الملكيات العربية من خلال جامعة الدول العربية المُشكَّلة حديثاً كمجموعة فيدرالية فضفاضة. وفرضت فرنسا نظاماً جمهورياً هشاً على سوريا ولبنان. فشلت كلتا قوتَي الانتداب في نهاية الأمر لأن الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي توليا الدور الرئيسي في هذه الدراما مع بداية الحرب الباردة.

يتعامل فرانزمان، الذي درس أيضاً ما يسمى «داعش»، مع الشخصيات الرئيسية الجديدة والحالية في الدراما، لا سيما الجمهورية الإسلامية التي تأسست في طهران. إنه يتمكن من تتبع أصول هجوم أكتوبر إلى الخطة الكبرى لطهران لإعادة تشكيل الشرق الأوسط على صورتها الخاصة. ويعتقد قادة الجمهورية الإيرانية أنه ما لم يصبح بقية الشرق الأوسط إيرانياً، فسيكون حتماً على إيران أن تصبح مثل بقية الشرق الأوسط.

لهذه الغاية، يسعى قادة طهران إلى استراتيجيتين متوازيتين: تحويل الدول العربية إلى قشور جوفاء تُستخدم غطاءً لوكيل إيراني يمارس السلطة الحقيقية، وإنشاء شبكة من الوكلاء لجرّ إسرائيل إلى حرب دائمة بهدف تدميرها النهائي عبر الإرهاق النفسي والعبء الاقتصادي والتدهور الديمغرافي.

لا يفصح فرانزمان عن ذلك صراحةً، لكنَّ روايته تشير إلى أن هجوم السابع من أكتوبر، بغضّ النظر عن فظاعته غير المسبوقة، يجب أن يُعامَل على أنه حلقة في حرب أوسع لن تنتهي إلا إذا تم إخراج الجمهورية الإيرانية من اللعبة القاتلة.

كتاب «السابع من أكتوبر: الحرب ضد حماس من خلال عيون ضابط كوماندوز إسرائيلي» هو، كما يوحي العنوان، سرد شاهد عيان على الحرب من الكابتن إلكام كوهين.

قد يُنظر إلى الكتاب، الذي أقره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من البعض بوصفه اعتذاراً، وهو إلى حد ما كذلك. ومع ذلك، فإن الكابتن كوهين يتمكن من الابتعاد عن المغريات الدعائية الساعية للبحث عن التعاطف من خلال إثارة المشاعر. مما يجعل روايته أكثر رسوخاً.

يقدم كتابه نظرة نادرة إلى قواعد الاشتباك والأنماط العملياتية للجيش الإسرائيلي ليس من الناحية النظرية وإنما في سياق صراع حقيقي ومستعصٍ بشكل استثنائي. على طول الطريق، سيشعر القارئ بأن كوهين ورفاقه، ومن دون أن يقولوا ذلك، يخشون أن الصراع المستمر قد يسحبهم إلى مستوى الكراهية المريرة التي زرعها يحيى السنوار، قائد «حماس» العسكري -ذلك المستوى الذي جعل حتى بعض مقاتلي «حماس» ومناصريها يشعرون بعدم الارتياح.

يشتمل رف كتب «السابع من أكتوبر» في مكتبة لندن أيضاً على كتاب «إرهابي أم مقاتل للحرية: الحق في المقاومة» لنيكولاس جيانوبولوس، الذي كُتب قبل هجوم «حماس» على إسرائيل، ولكن أُعيد إصداره على ما يبدو لكي يطرح وجهة نظر «حماس»، وإن كان بصورة غير مباشرة. يجادل المؤلف بأن الأشخاص الذين يشعرون بالظلم لديهم الحق في مقاومة الظلم ويستشهد بمجموعة من الأمثلة -من حرب الاستقلال الأميركية، إلى حرب الجيش الجمهوري الآيرلندي الطويلة ضد بريطانيا العظمى.

ومع ذلك، من الصعب تصور كيف يمكن تصنيف هجوم السابع من أكتوبر على أنه عمل من أعمال المقاومة من مقاتلي الحرية. في ذلك الوقت، كانت غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي وكانت تتطوَّر كدولة مصغرة شبه مستقلة، التي، رغم تعرضها للقيود القاسية وغير العادلة في بعض المجالات، لا يمكن اعتبارها كياناً مستعمراً متعطشاً للاستقلال. بالنسبة إلى «حماس»، كان «السابع من أكتوبر» حرباً اختيارية وليست حرباً ضرورية، ولم يكن هدفها مجرد إرهاب عدو حقيقي أو وهمي، وإنما قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين.

يُستخدم الإرهاب لإقناع الخصم أو إجباره على فعل شيء تريده أو التوقف عن فعل شيء لا تريده، ومن المؤسف أن هذا ينجح في كثير من الحالات. ومع ذلك، إذا تجاوز العمل الإرهابي حدوداً معينة، فقد ينتج عنه عكس ما يأمل الإرهابي. بمعنى آخر، المسألة برمتها تتعلق بالجرعة.

من دون غارة «طوفان الأقصى»، لم يكن أي رئيس وزراء إسرائيلي، ناهيكم ببنيامين نتنياهو الذي صودف أنه وصل إلى أدنى مستويات عدم الشعبية، قد تجرأ على شن حرب شاملة تهدف إلى طرد «حماس» من غزة.

«الجنرال» السنوار ليس أول ضحايا النتائج غير المقصودة ولن يكون الأخير أيضاً. في ضوء ذلك، يبدو أن حسن نصر الله، الزعيم الراحل لـ«حزب الله» اللبناني، قد أدرك أهمية الجرعة في الإرهاب و-أو المقاومة. لهذا السبب، رفض في البداية، ولدهشة البعض، الانضمام إلى رقصة الرعب التي افتتحها السنوار. وقد لا نعرف أبداً ما الذي أقنعه أو أجبره على التخلي عن حذره المعتاد والانضمام إلى مغامرة خارجة عن سيطرته. تخميني أنه لم يقفز مختاراً وإنما دُفع إليها دفعاً. وأترك لكم التخمين بشأن من دفعه.

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المقاومة أم الإرهاب أهمية الجرعة المقاومة أم الإرهاب أهمية الجرعة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab