بقلم - خالد منتصر
إنه عالم الفيزياء محمد عبدالسلام الذى كرّمه العالم أجمع وحصل على جائزة نوبل فى الفيزياء عام 1979، حيث ساهمت أبحاثه فى وضع أسس إحدى أهم النظريات فى فيزياء الجسيمات والتى مهدت السبيل لاكتشاف جسيم «بوزون هيغز» المسئول عن اكتساب جميع الجسيمات الأخرى لكتلتها.
اقرأ عن بوزون هيغز من هنا
طوّر «عبدالسلام» نظرية النيوترينو، وهو جسيم دون الذرى افترض وجوده العالم باولى فى عام 1930، وأجرى بحوثاً تمخضت عنها نظرية «القوة الكهروضعيفة»، التى نال عنها جائزة نوبل.وتصف نظرية «القوة الكهروضعيفة» الجسيمات الأولية التى تعد أصغر اللبنات الأساسية التى تتكون منها المادة فى الكون، وكيفية تفاعلها. ودمج عبدالسلام بين نظريات القوة الكهرومغناطيسية وما يعرف بالقوة الضعيفة فى نظرية واحدة.
اقرأ عن حياة العالم عبدالسلام بالتفصيل من هنا
كل جريمته أنه كان ينتمى إلى الطائفة المسلمة الأحمدية والتى نشأت فى الهند وتطارد باكستان معتنقيها بشدة برغم هدوئهم وبُعدهم عن السياسة.وبرغم أنه ارتدى الزى الباكستانى وقرأ آيات من القرآن فى خطابه لتسلم جائزة نوبل، إلا أن السلطات الباكستانية بضغوط من المتطرفين هناك عاقبته بشطب كلمة مسلم من على شاهد قبره!
ولد «عبدالسلام» عام 1926، عانى فى طفولته معاناة شديدة إذ لم يرَ المصباح الكهربائى إلا بعدما سافر إلى لاهور لدخول الجامعة الحكومية!
، أهلته مهاراته فى الفيزياء والرياضيات لزمالة كمبردج، ولكنه عاد إلى لاهور للتدريس فى جامعتها بالرغم من الإغراءات التى قدمها الإنجليز له.فى عام 1953 انطلقت أعمال شغب واعتداءات استهدفت أتباع الطائفة الأحمدية فى لاهور، وحصدت أرواح المئات، صدر فى عام 1974 قانون يقضى بأن أبناء الطائفة الأحمدية غير مسلمين، ويحرمهم من حقوقهم، وفى عام 2010 تعرض مسجدان للطائفة الأحمدية فى باكستان لهجمات أسفرت عن وقوع 94 قتيلاً و120 جريحاً، وتعرضت متاجرهم للسلب والنهب.
غادر «عبدالسلام» باكستان نتيجة هذا الاضطهاد لطائفته، ولكنه بالرغم من كل هذا كان وطنياً ولم ينسَ بلده، ففى عام 1961، أسس «عبدالسلام» برنامج باكستان الفضائى، وفى مطلع السبعينات من القرن العشرين، شارك فى جهود باكستان فى الأبحاث النووية، لكن مساهمات «عبدالسلام» توقفت منذ اللحظة التى أصدر فيها رئيس الوزراء ذو الفقار على بوتو قانوناً جديداً لحصار أتباع الطائفة الأحمدية فى عام 1974، وبعدها دأب عبدالسلام على معارضة الأسلحة النووية على الملأ.جردته باكستان من هويته الإسلامية قبل خمس سنوات فقط من حصوله على نوبل!
وبرغم ذلك رفض الجنسيتين البريطانية والإيطالية!
فى عام 1964 أسس المركز الدولى للفيزياء النظرية فى إيطاليا لتوفير مقاعد للطلاب من الدول النامية الفقيرة لمتابعة التطورات العلمية والأكاديمية حول العالم.
هذه قصة عالم مسلم طاردته الأصولية حتى فى قبره!