رصيد الحد الأدنى أضحى فارغاً

رصيد الحد الأدنى أضحى فارغاً

رصيد الحد الأدنى أضحى فارغاً

 العرب اليوم -

رصيد الحد الأدنى أضحى فارغاً

بقلم:د. آمال موسى

هناك شيء دائماً ما نصفه بـ«الحد الأدنى». نعم لكل شيء في حال تعذر الحد الأقصى فيه، لا بد من حد أدنى. من دون هذه الكيمياء من الحد الأدنى لا يمكن الاستمرار في أي شيء.

ما يحدث في غزة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والفاجعة الهائلة في لبنان ومشهد النّاس نازحين فارين من بيوتهم وأراضيهم، يؤكد أن رصيد الحد الأدنى أضحى فارغاً.

هناك تواطؤ دولي واضح لم تحرّكه المجازر ولا آلاف الأرواح من الشهداء؛ الأطفال، والنساء، والرجال، والكبار، والشباب.

والأكثر وضوحاً وتبريراً للصمت الدولي أو بشكل أدق عدم فعل المجموعة الدولية أي شيء عملي يوقف الآلة الإسرائيلية عن القتل والتدمير هو وجود خطة لا يعلمها أحد تُطبَخ لحرب إقليمية أكثر تدميراً وبشاعة.

لو كانت هناك نية دولية حقيقية لإرغام إسرائيل فعلياً على وقف الحرب والعدوان لكان حصل ذلك منذ أشهر طويلة، ولكن الملاحظ هو الصمت واللعب على الوقت وعلى استدراج أطراف أخرى، والرهان في ذلك أنَّ تتالي الضربات والمجازر، سيمكّن تدريجياً من الدفع بالأطراف المستهدفة إلى حلبة واحدة ليتم القضاء المبرم عليها دفعة واحدة.

إننا أمام نوع جديد من الحروب: الحروب في الماضي كانت واضحة الأهداف والخطاب، في حين أن ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط لا أحد يعلمه، وهناك أسئلة كثيرة من دون إجابات، والحال أن الحد الأدنى من الفهم يمكّن من تحديد الموقف بالنسبة إلى الدول.

طبعاً لا شك في أن الغموض جزء من الحرب، ولكن ما يحدث لا يتصل بالغموض بوصفه تكتيكاً من تكتيكات الحروب والصراعات. ففي الظاهر إسرائيل تشنّ حرب إبادة ضد أهل غزة بشكل بشع جداً، وفي الباطن أو المخفي وهو ما يظهره الوقت ومسار الإبادة فإن غزة فاتحة الحرب الإقليمية المزمع إشعالها في المنطقة، وهي أيضاً مفتاحها على ما يبدو.

كما أن في هذه الحرب تقوم إسرائيل بتحقيق أهدافها المعروفة وأهداف القوى الداعمة لها سراً وجهراً وصمتاً وفعلاً. لذلك فالغموض يتأتى من السؤال البسيط الدقيق: هي حرب مَن وضد مَن؟

إن ما يحدث يزيد الحاضر قتامة ويؤسس لخسارة الكل من دون استثناء. فالذي يحصل هو قطع الطريق أمام أي بناء جديد أو حتى رتق لما يمكن القبول به من أجل الاستمرار والتعايش. وكما يظهر فإن إسرائيل - ومَن معها سراً وجهراً - تعمل على التصفية الجسدية لشعوب وليس لأشخاص، وهو في حد ذاته انتقال نوعي في استراتيجيات التصفية الجسدية والاغتيالات السياسية، حيث أصبح الاتجاه حسب ما يرجحه واقع الأحداث اليومية هو إبادة شعوب، ولكن بوتيرة التصفية وليس بوتيرة الإبادة التي تستغرق وقتاً أكبر.

ونعتقد بأن الخاسر الأكبر من كل هذا الدم وهذا الهلع هي إسرائيل التي تظن أنها فاعلة، في حين أنها موظفة لخدمة أهداف ليست كلها تخصها. إسرائيل زرعت نفسها في منطقة الشرق الأوسط وفق «وعد بلفور»، وهي منذ تاريخ ذلك الوعد تفعل كل ما يجعل الأرض تلفظها. وإذا كان هاجس الأمن هو ما يحركها لما كان سلوكها حربياً وعدوانياً وممعناً في الأذى والوجع للفلسطينيين واللبنانيين بشكل يجعل الوضع في قبضة منطق تغذية العنف والقتل.

هل بعد كل هذا الدم والمجازر يمكن التأسيس للتعايش؟ وهل تصفية كل أهالي غزة هي الحل لضمان أمن إسرائيل؟

إن الشخص الذي يعيش واقعاً ملتبساً ومعقداً ومتأزماً لن يتجاوزه إلا بالحكمة. وما نراه هو أن السياسة الدولية تنبذ الحكمة وتعدها خيار الضعفاء.

لنأتي إلى الحلقة الأضعف، التي فشلت مع الأسف في القيام بدورها وبالوظيفة التي من أجلها بعثت وتأسست، وهي الهيئات الأممية التي منذ حرب الخليج الأولى إلى اليوم تثبت بما لا يقطع الشك أنها هيئات لحماية مصالح الأمم القوية فقط. لذلك فإنها أمام خيارين لا ثالث لهما؛ وهما إما إثبات مشروعية وجودها، وإما تعديل لوائحها في ضوء ما يمنعها من القيام بدورها. لقد تحوّلت هيئات الأمم المتحدة في العقدين الأخيرين تحديداً، وأكثر من أي وقت مضى، إلى أجهزة لا حول لها ولا قوة، ولا قدرة لها على تصحيح الوضع ولو جزئياً.

الثابت والمؤكد أنه عندما يتم الاستهتار بالحد الأدنى من التحمل والقبول والإرغام وغض الطرف... فإن الجميع يخسر ويصاب في مقتل.

التحدي الراهن هو كيف نستعيد الحد الأدنى ونكف عن العبث في التفكير والممارسة الدوليَّين؟

 

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رصيد الحد الأدنى أضحى فارغاً رصيد الحد الأدنى أضحى فارغاً



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
 العرب اليوم - الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab