رئيس وزراء السودان يتعهد بكشف المجرمين في مقتل المئات أمام مقر الجيش
آخر تحديث GMT18:03:27
 العرب اليوم -

تدفق المواطنون بالآلاف إلى الشوارع غير عابئين بالحظر الصحي

رئيس وزراء السودان يتعهد بكشف المجرمين في مقتل المئات أمام مقر الجيش

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - رئيس وزراء السودان يتعهد بكشف المجرمين في مقتل المئات أمام مقر الجيش

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك
الخرطوم - العرب اليوم

تعهّد رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك بتحقيق العدالة الشاملة والقصاص لأرواح الشهداء، وبعدم التراجع عن كشف المجرمين الحقيقين الذين ارتكبوا جريمة فض الاعتصام من أمام القيادة العامة للجيش، التي راح ضحيتها أكثر من مائتي شهيد «اغتيلوا» في الثالث من يونيو (حزيران) 2019، بينما استحضرت المدن السودانية حزنها، وسالت دموع الشعب مدرارة تحرق المآقي، تذكرة بـ«أبطال الشعب» الذين قُتلوا في سبيل ثورة ديسمبر وأهدافها في «الحرية والعدالة والمساواة»، وتدفقوا بالآلاف إلى الشوارع غير عابئين بالحظر الصحي، متظاهرين ومحتجين ومرددين هتافات الثورة والمطالبة بالقصاص للشهداء.

وخرج آلاف الشباب معظمهم من الذين نجوا من المذبحة والمأساة، بمن فيهم أُسَر الشهداء، متجاهلين خطر الإصابة بجائحة «كورونا»، إلى ميادين وشوارع العاصمة الخرطوم والمدن الأخرى، وشكّلوا سلاسل بشرية لتجديد ذكرى رفاقهم، الذين اغتيلوا عشية عيد الفطر قبل عام، ونظموا وقفات احتجاجية، وسدُّوا الشوارع والطرقات، وأحرقوا الإطارات احتجاجاً ومطالبةً بمحاسبة من ارتكبوا المجزرة البشعة بحق رفاقهم ضحايا «مجزرة فض الاعتصام».

وهرع الآلاف في المدن السودانية إلى الشوارع يحملون صور الشهداء، ليهتفوا «دم الشهيد دمي، أم الشهيد أمي»، «دم الشهيد ما راح.. ملابسنا نحن وشاح»، «دم الشهيد بكم؟ ولا السؤال ممنوع»، وغيرها من الهتافات.

وحرق الثوار إطارات السيارات في الشوارع، وسدوها أمام حركة السير، في الوقت الذي شددت فيه السلطات الأمنية على الحركة، وقامت بسدّ كل المنافذ والطرقات المؤدية لقيادة الجيش والقصر الرئاسي في قلب الخرطوم، ووضعت في مداخلها مصدات وموانع إسفلتية، وسدت شاحنات الجيش والشرطة مداخل الجسور، تحسباً لاعتصام جديد يعيد سيرة الاعتصام السابق.

وغصت الأسافير وعالم الإنترنت بآلاف الفيديوهات والصور، تم تصويرها أثناء عمليات قتل المعتصمين وحرق الخيام، وإطلاق النار من قبل القناصة المجهولين، والاعتداءات على النساء والشباب والكوادر الطبية، وصور لفتيات يتعرضن للإذلال على أيدي عسكريين.

واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي السودانية، «فيسبوك»، «تويتر»، «إنستغرام»، وغيرها بالتغريدات التي تطالب بمحاكمة من فضّوا اعتصام القيادة والثأر للضحايا، ومحاصرة لجنة التحقيق لتجيب على سؤال «مَن فض الاعتصام»؟ وتقديمه للمحاكمة.

وتساءل نشطاء في تلك المواقع: «لماذا تأخر تقرير التحقيق، رغم وجود آلاف الأدلة التي تكشف المتورطين؟»، محذرين من «ضياع دم الشهيد»، بل وبعضهم حمّل الحكومة المسؤولية عن عدم الوصول للجناة، بالسؤال: «هل استبدلتم بدم الشهيد المناصب؟!».

الهتاف وحده ليس سيّد النشيج، فالشعراء والفنانون ألقوا أشعارهم وأغنياتهم في حضرة الشهداء، وتُلِيَت قصائد حماسية على المحتجين، صورت المأساة، وحذرت من تضييع دم الشهيد، وتغنّت الحشود بأغنيات الحماسة، واستعادوا أشعار الثورة.

- وعود حمدوك

واستبق رئيس الوزراء عبد الله حمدوك التوقيت، وتعهّد في خطاب للشعب بثه التلفزيون الرسمي، عشية أول من أمس، بمحاكمة مَن يثبت تورطه في انتهاكات فض الاعتصام، وبتحقيق العدالة الشاملة والقصاص لأرواح ضحايا فض الاعتصام.

ووعد بالقيام بإعادة الحقوق لأهلها، بقوله: «هي خطوة لا مناص ولا تراجع عنها، وأنها ضرورية للغاية من أجل بناء سودان العدالة وسيادة حكم القانون»، وطالب بالكشف عن المجرمين الحقيقيين ومحاسبتهم، وتابع: «إننا في انتظار اكتمال أعمال لجنة التحقيق المستقلة... وتقديم كل من يثبت توجيه الاتهام ضده.. لمحاكمات عادلة وعلنية».

وقال وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة فيصل محمد صالح: «... ذكرى فض اعتصام القيادة العامة، ويوم المذبحة والملحمة والصمود والبسالة.. تجدد تحميلنا... مسؤولية تحقيق العدالة والقصاص للشهداء ومعاقبة المجرمين، وتحقيق أهداف الثورة» وقال عباس فرح والد الشهيد «فرح» إن تحقيق العدالة والاقتصاص للشهداء من مطالب ثورة الشعب، وتابع: «ما نريده تحقيق العدالة بمحاكمة من ارتكبوا المجزرة ضد أبناء الشعب السوداني أمام قيادة الجيش بالخرطوم».

وأوضح عباس الذي يترأس «منظمة شهداء ثورة ديسمبر (كانون الأول)»، وهي منظمة مجتمع مدني تسعى للقصاص من قتلة الشهداء، أن على لجنة التحقيق الخاصة بفض الاعتصام تحقيق العدالة المرجوة التي ينتظرها السودانيون بمحاكمة المجرمين، قائلًا: «نتمسك بالقصاص لشهدائنا، وخياراتنا للتقاضي مفتوحة من أجل تحقيق العدالة، من أجل ردع كل مَن تسوِّل له نفسه ارتكاب جرائم ضد الشعب السوداني».

- ماذا حدث في 3 يونيو؟

وشهدت صبيحة الثالث من يونيو (حزيران) الماضي، وأثناء بدأ استعدادات المعتصمين للاحتفاء بعيد الفطر في محل اعتصامهم أمام القيادة العامة للجيش السوداني في الخرطوم، وبعض حاميات الجيش في مدن الولايات، اقتحمت قوة مكوّنة من صنوف القوات النظامية جميع مقرّات الاعتصام، ووقعت في المعتصمين السلميين تقتيلاً بالأسلحة الثقيلة والخفيفة والعصى وإذلالاً باغتصاب عدد من النساء والرجال، لكسر إرادتهم الفريدة التي أسقطت أعتى الأنظمة الديكتاتورية في تاريخ البلاد».

وتضاربت الأرقام حول أعداد القتلى والجرحى والمفقودين وضحايا حالات العنف والعنف الجنسي، فبينما تقول تقارير رسمية نحو 120 قتيلاً، ألقي ببعضهم أحياء في نهر النيل بعد تقييدهم إلى حجارة حتى لا تطفو جثثهم، لكن لجنة الأطباء المركزية ذكرت في تقرير أن العدد تجاوز 250 ومئات الجرحى وعشرات المفقودين، وضحايا الاعتداءات والاعتداءات الجنسية.

وبدأت أحداث أشهر اعتصام في تاريخ المنطقة السادس من أبريل (نيسان) 2019 باحتشاد ملايين النساء والرجال، أمام القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، للمطالبة برحيل نظام الإنقاذ وتنحية رئيسه عمر البشير، ودعوا «قواتهم المسلحة» لحمايتهم من بطش آلة النظام وكتائب ظِلّه، وبالفعل صد ضباط وجنود من القوات المسلحة محاولات يائسة من فلول الإسلاميين لفض الاعتصام.

واستمر الاعتصام حتى الحادي عشر من أبريل (نيسان)، وحينها أعلنت اللجنة الأمنية لنظام المعزول عمر البشير بقيادة وزير دفاعه، عوض بن عوف، تنحيته وتكوين مجلس عسكري انتقالي برئاسته، لكن الثوار رفضوا الاعتراف برئاسة ابن عوف، فاضطر للتنحي بعد يوم واحد، وأعلن الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي، والفريق أول محمد حمدان دقلو نائباً له، وعضوية آخرين.

لكن المعتصمين واصلوا اعتصامهم طوال الفترة من 11 أبريل وحتى فضه في 3 يونيو، متمسكين بتكوين حكومة مدنية ومحاكمة رموز النظام الإسلاموي ومحاسبتهم وتصفية مراكز نفوذهم، وهم يرددون هتافهم الأثير: «أي كوز ندوسوا دوس»، وغيره من الهتافات التي تطالب بعودة الحكم المدني.

- لجنة التحقيق

بعد تكوين الحكومة المدنية الانتقالية كلّف رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، لجنة تحقيق مستقلة برئاسة المحامي نبيل أديب للتحقيق في مقتل المعتصمين، بيد أن شهوراً مرّت على تكوين اللجنة، ولم تقدم تقريرها بعد تأخر تقديم التقرير أثار شبهات بين ذوي الضحايا والثوار، بأن اللجنة غير جادة في الوصول للجناة، وأصبح يُوجّه لها السؤال: «المجرم معروف والضحية معروفة؛ فعلام الانتظار؟».

استفزاز السؤال دفع رئيس اللجنة المحامي نبيل أديب للقول عشية الذكرى الأولى إنه استجوب أو سمع أقوال كل ذوي الصلة بفض الاعتصام، ووعد بإظهار الحقيقة كاملة، وإن المطالبة بالقصاص حق قانوني، وإن لجنته لن تسمح لأحد مهما كان موقعه بالإفلات من العقاب، حيث أبلغ أديب وسائل إعلام، بأنه استجوب أكثر من 3 آلاف شاهد، وقطع بعدم وجود حصانات تحول دون محاكم عسكريين في مجلس السيادة أو غيره حال ثبو إدانتهم.

- تفاعلات دولية

لجنة أديب وتحقيقها، لم توقف سيل الإدانات للمجزرة البشعة، التي تجاوزت الحدود الوطنية، فالأمم المتحدة طالبت في نشرة صحافية أمس، بضرورة مساءلة المجرمين وتحقيق العدالة لضحايا الاعتداء الغاشم على المتظاهرين السلميين، باعتباره «أمراً أساسياً لتقدُّم البلد نحو ديمقراطية آمنة».

وقال المقرر الخاص للأمم المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، نياليتوسي كليمنت فولى: «ما زلنا قلقين من أنه بعد مرور عام على الهجوم العنيف على المتظاهرين السلميين، لا يزال الضحايا وأقاربهم ينتظرون العدالة وجبر الضرر».

ودعا خبراء تابعون للأمم المتحدة إلى محاسبة جميع المسؤولين دون استثناء، ووفقاً لقواعد الإجراءات القانونية الواجبة، التي حددتها المعايير الدولية، وقال الخبير المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان أريستيد نونوسي: «لقد كانت النساء في طليعة الاحتجاجات السلمية، كما كنّ من بين أوائل ضحايا العنف بما في ذلك انتهاكات حقوق الإنسان والعنف الجنسي».

ودعا الخبراء الخرطوم لدعم التزامها بإقامة عدالة انتقالية شاملة، تضمن حقوق الضحايا وتراعي حساسية النوع، لمعالجة كل انتهاكات الماضي ومنع تكرارها، وإنشاء «مفوضية فعالة للعدالة الانتقالية»، وإجراء إصلاحات في قطاع الأمن لتوفير المزيد من المساءلة والسيطرة المدنية الديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.

وقالت السفارة الأميركية في الخرطوم على حسابها الرسمي في «فيسبوك»، أمس، إنها تكرم ذكرى الرجال والنساء والشباب السودانيين الذين ضحَّوا بحياتهم منذ عام. وأضافت: «كانوا يطالبون بكل شجاعة بالحكم المدني في السودان والحرية والسلام والعدالة»، ودعت الحكومة السودانية لإجراء محاسبة للمسؤولين عن الفض العنيف للمظاهرة، مشيدة بالتضحيات التي قدمها الشعب السوداني منذ بداية الثورة، والتي أدّت لاتخاذ كثير من الخطوات تجاه الانتقال الديمقراطي.

وتعهّد الاتحاد في نشرة صحافية، بمواصلة دعم شعب السودان لتحقيق السلام والديمقراطية والعدالة والازدهار للجميع، ودعا لـ«العثور على الحقيقة حول ما حدث قبل عام بالضبط، أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية»، وتابع: «نتابع عن كثب جهود السلطات السودانية، لإجراء تحقيق مستقل وشفاف، ويجب محاسبة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، بتحقيق العدالة، بما يمكن السودان من انتقال مستقر يؤهله للاندماج في المجتمع الدولي.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا : 

رئيس وزراء السودان يؤكد دعمه مبادرات توحيد قوى الثورة

رئيس الوزراء السوداني يُعلن قرب حل معضلة تعيين حكام مدنيين في الولايات

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رئيس وزراء السودان يتعهد بكشف المجرمين في مقتل المئات أمام مقر الجيش رئيس وزراء السودان يتعهد بكشف المجرمين في مقتل المئات أمام مقر الجيش



نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

ملك الأردن يأمر بإجراء انتخابات مجلس النواب
 العرب اليوم - ملك الأردن يأمر بإجراء انتخابات مجلس النواب

GMT 18:03 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
 العرب اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره
 العرب اليوم - النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 19:40 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط في شمال قطاع غزة

GMT 08:50 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

إسرائيل تقصف مواقع لحزب الله بجنوب لبنان

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

مقتل 7 أشخاص وإصابة 15 آخرين في حادث سير بالجزائر

GMT 09:16 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

حرائق في منشآت طاقة روسية بعد هجمات أوكرانية

GMT 18:11 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

أيهما أخطر؟

GMT 18:13 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

العرب واليونسكو

GMT 20:12 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

مصر تنفي أي نقاش مع إسرائيل بشأن خطط اجتياح رفح

GMT 01:29 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الغواية وصعوبة الرفض!

GMT 01:37 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

خطر تحت أقدامنا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab